كتاب يتضمن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة.
ابن رجب الحنبلي
فإنَّ الشيخ نصرًا المقدسي رَحِمَهُ اللهُ ممن أجمع أهل التراجم على أنه كان من العاملين بعلمه، الزاهدين في الدنيا، المعتزلين الناس إلا في خير.
وقد صنف كتاب (الحُجَّة على تارك المحجة) للتذاكر لا للتكاثر، وهو كتاب نفيس للغاية، اقتصر فيه مؤلّفه على الآثار الموضحة للمحجة البيضاء، التي تركنا رسول الله ﷺ في أدناها، وطرفها الآخر في الجنة، فأتى بالآثار الآمرة بالاستغناء بالقرآن والعمل بما فيه، وعلى لزوم السنة والجماعة، وترك الرأي والأهواء المخزية والأحزاب المردية.
وأتى بالآثار التي توضح علماء السوء ودعاة الضلالة وعلاماتهم وصفاتهم. وحشد فيه أحاديث كثيرة - منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها الموضوع - وإن كان قليلا - لكنه نقله كما وجده، وذكره بإسناده ليبرأ من عهدته، وليس كل أحد يتقن التمييز بين الأخبار.
ثم إن هذا الكتاب الأثري قد فُقد أصله، لكن أراد الله أن يختصره أحد نساخ حَلَب في القرن العاشر ، ولم يُغيّر في الكتاب شيئًا سوى حذف الأسانيد، وقد بقي هذا المختصَر، وطُبع مرةً واحدةً طبعةً فيها تصحيف كثير، وأُثْقِلت بحواش لا داعي لها، ثم هي قد انقرضت منذ زمن.
فرأى القائمون على دار الأمر الأول إحياء هذه الموءودة واستخراج هذه الدرة. وقد تلخص عملنا في الآتي:
فالحواشي إنما تطلب لبيان مجمل، أو تقييد مطلق، أو تفصيل مبهم، أو جمع طرق الرواية لتتضح، أو جمع الآثار المشابهة لمادة الكتاب؛ لئلا يرتاب المؤمنون وليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم.
وبهذا ازداد الكتابُ حُسنًا وجمالًا، وأصبح إماما لأهل التوحيد والسنة.
وكان المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ قد قطع حبل الآثار في منتصف الكتاب بذكر عقيدته وعقائد بعض أئمة السلف وغيرهم، ثم عاد للآثار مرة أخرى؛ -فرأينا أن ننقل تلك العقائد إلى آخر الكتاب بعد الفراغ من الآثار - كما صنع الحميدي في مسنده.
تنبيه :
الطريقة المثلى لقراءة هذا الكتاب : هي أن يُقرأ الباب كاملا من أوله إلى آخره قراءة تدبر واستثارة للإشكالات، ثم يعود القارئ مرة أخرى فيقرؤه بحواشيه. وبهذا يكون قد تصور الباب تصورًا جيدًا، وعرف مراد المؤلف منه .
