فإن أصول التفسير واحد من أجل علوم القرآن، ويعرف أهميته من أهمية علم التفسير نفسه؛ لأن أصول التفسير الدقيقة الوسائل للغايات؛ فهو له كعلم النحو للغة العربية، وكأصول الفقه للفقه، وكعلوم الحديث للحديث؛ فهو يضبط فهم كتاب الله عز وجل من الزلل أو الشَّطَطِ، وبـه يُعْرَفُ عموم الآيات وخصوصها، ومحكمها ومتشابهها، وغير ذلك.
لقد نشأ علم أصول التفسير مقترنا بالتفسير؛ غير أنه لم يكن بهذا الاسم، ولكنه يلاحظ من ترع الصحابة رضا لله عنه عن القول في تفسير القرآن بالهوى، وبدون علم، فقد كانوا يَرَوْنَ أن التفسير لا يكون إلا بضوابط؛ حتى لا يحصل الزلل والخطأ في الفهم.
ويعد الإمام الشافعي رحمه الله أول واضع لأصول التفسير في كتابه: «الرسالة»، وأنه قصد بها التقعيد لأصول الفقه، لكنه تم الكشف عنه في مباحث كثيرة للمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك من ثم توالت الكتابات في أصول التفسير، لكنها كانت القراءة مقدمات في كتب التفسير يبدأ بها العلماء تفاسيرهم، ومن أهم تلك المقدمات: مقدمة تفسير الإمام الطبري، ومقدمة تفسير الإمام القرطبي، ثم ظهرت مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير، وكذلك كانت أصول التفسير متناثرة في بطون كتب علوم القرآن.
أما في العصر الحاضر: فقد كتـب غيـر واحد من العلماء في أصول التفسير جمعا لهذا المتناثر في كتب علوم القرآن؛ تقريبا وتسهيلا علـى الطلاب.
ومن أبرز المعاصرين الذين كتبوا في هذا الباب: الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمة الله؛ فقد كتب فصلا بعنوان: «أصول وكُلِّيَّاتٌ مِن أصول التفسير وكُلِّيَّاتِهِ لا يستغني عنها المفسر للقرآن»؛ ضمن تفسيره : «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان».
وقد شرح سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمة الله هذه الأصول شرحًا وسطًا بين البسط والإيجاز، بين معانيها وألفاظها، وزينها بفوائده العلمية الماتعة.