وأخيرا تغلب العزمُ المصمم على التردُّدِ الخوار فصدرت الرسالة، وما سلط على نفوسنا هذا التردد إلا نذر تشاع وأمثال تروى، وكلها تصوّر الصحافة الأدبية في مصر سبيلا ضلَّت صُوَاها وكَثُرَتْ صَرعاها فلم يُوفِ أحد منها على الغاية..».
كانت هذه فاتحة مجلة الرسالة لرئيس تحريرها الأستاذ الكبير أحمد حسن الزيات (۱۳۸۸هـ)، وهي "مجلة أسبوعية للآداب والعلوم والفنون" كما وقع به على طرتها.
وهي أيضا مجلة عربية إسلامية شرقية، تعتمد على الأدب العربي قديمة وحديثه في كل زمن وفي كل بلد، وتؤثر الأسلوب الرفيع واللغة الفصحى الأغراض النبيلة، وكان ظهورها على فترة من المجلات الأدبية الجديرة بهذا الوصف، فوجد فيها الكتاب العرب مجالا للتعارف والبحث والظهور، وميدانا للجهاد في سبيل وحدة مشتتة ووطن مسلوب وحرية مفقودة.
وكان أول صدور للمجلة عام ۱۹۳۲ م وهو العام الذي توفي فيه الشاعران: شوقي وحافظ، وبقيت حتى عام ۱۹۵۳م، ثم توقفت عن الصدور، ثم عادت مرة أخرى في عام ١٩٦٣م باسم (الرسالة الجديدة)، ولكنها توقفت بعد فترة وجيزة.
وقد انتقيت لك هذه المقالات القضائية من أعداد مجلة الرسالة التي تجاوزت ألف عدد المجموعة في مجلدات زادت على أربعين مجلدة، وعدد صفحاتها يفوق أربعين ألف صفحة، وجمعتُ هذه المقالات من غير تبويب ولا ترتيب لتكون أنشط للقارئ، وتركتها كما كتبت أول مرة، إلا تعليقا يسيرا لابد منه في موضع أو موضعين، وجعلت فصلا أخيرا فيه (نثار من الرسالة)، مما وجدته في ثنايا المقالات وكنت به ضنينا.