أخيراً ، وبعد مضي ما يزيد عن عشرين سنة على صدور الطبعة الأولى ، وجدت
الوقت والقدرة مسعفين على إعادة النظر في هذا الكتاب ، وإجراء التغييرات
والإضافات اللازمة لاستدراك بعض ما فاتني في الطبعات السابقة .
ومن أجل تحقيق هذه الغاية ، كتبت مقدمة جديدة تتناول أصول الإبداع الشعري ، أما المقدمة السابقة فقد كانت منذ البداية ترسم النتائج الكبرى للكتاب كله أي لتطور النظرية الشعرية عند العرب، ولذلك حوّلتها إلى خاتمة ، فهي بهذا الموضع أليق ، وصلتها بالخاتمة أدق .
وقد زدت فصلاً عن أبي اسحاق الصابي ورسالته في الموازنة بين النظم والنشر، والناظم والناثر ، ولم أكن وقفت على تلك الرسالة من قبل . وعدلت الفصل الذي خصصته لأبي العلاء المعري ووسعت القول فيه ، ودرست ابن سنان الخفاجي تلميذ أبي العلاء في مفهوماته النقدية ، منفصلة قدر الامكان عن الكيان البلاغي العام الذي رسمه في سر الفصاحة ، وجمعت في الفصل الختامي بين ابن خلدون وصديقه لسان الدين بن الخطيب إذ وجدت كتابه "السحر والشعر" يكمل النظرية الأندلسية النقدية في التمييز بين "المرقص والمطرب".
إن هذه التعديلات والزيادات قد وسعت من مجال الفائدة التي قد يقدمها هذا الكتاب للقراء والدارسين ، لكنها لم تغير في روحه العامة ومنهجه ، بل تناولتها بلمسات خفيفة ضرورية لاكتمال الصورة العامة . والله أسأل أن يكون هذا الكتاب مصدر نفع وعون للدارسين .