كتابنا سفر خطير من فُحول كُتُبِ الأُصول يخرج مطبوعاً للقراء لأول مرة ، محققاً في حُلَّةٍ قَشيبةٍ زَاهِيَة ، وينتظم في سَلسَال (مشروع المحصوليات) المبارك ، وهو الإصدار العاشر منه.
التلخيص بقلم الحكيم النظار الفاضل النجم النَّقشواني؛ أحد أذكياء الأصوليين ومن حكماء المتكلّمين؛ المشاركين في شتى أنواع المعارف والعلوم، ممن طاف وارتحل في الآفاق، وولي المناصب والولايات حتى اعتزلها.
لم يقتصر المصنّف على التلخيص المجرَّد على غرار بعض مختصري «كتاب المحصول» للفخر الرازي، وإِنَّما قَدَّمَ التعليقات الشارحة والإضافات البارزة فيما هذَّبه من المسائل الأصولية.
هذا الكتاب كان مصدراً مهمًّا لشارحي «كتاب المحصول» لما تفوق به من إبداء الرأي وإعمال النظر والقوة العلمية، وتجلى تميزه في المنهج النقدي على جهة الخصوص؛ إذ لم يرتض لنفسهِ مَسَار التقليد في متابعة الرازي؛ استخلص من كتابه ما راه صواباً وتناول بعض مسائله بالاعتراضات والإشكالات وحل المعقودات، مما أسهم معرفيا في الدرس الأصولي.
وساعدته نباهته في علوم المعقول أن يستهدف فخر الدين الرازي بالاستدراك والتعقب؛ إذ مراده تلخيص ما في المحصول من الحق والصواب، واختار الكتاب الرواجِهِ بين الطُّلاب؛ قال : «وخصصت كتاب المحصول لكثرة تداوله بين أَهلِ العَصْر، فحيثُ وجدتُ الانحراف نقلتُ عبارته وتكلمت عليها»، وقد أنكر على مؤلّفِ الأَصلِ مُقحَمات «علم الكلام» في «علم الأصول» سواء الأقوال أو مناهج الاستدلال، وعاب عليه خلط العلوم.
هذا، وزادت أهميتُهُ بحضُورِهِ في الموسوعات الأصولية؛ فقد اعتمده نقَلَهُ الأصول واعتبروه من شواهد هذا العلم ومصادره، ولكونه من خَوادِمِ المحصول، فهو أعلى شأناً مما يُعَدَّ تلخيصاً؛ لذا سمَّاهُ الشهاب القرافي: «شَرْحَ النَّقشواني للمحصول» إجلالاً واهتماماً، ولم يُدرجه ضمن مختصرات الأصل؛ ولا جَرَمَ أنَّ لكتابنا النشاط المحمود في حراك هذا العلم وإثراء التصنيف فيه.
وقد اجتهد المحقق الفاضل في تحقيق الكتاب ومقابلته على أصوله الخطية، والعناية بدراسته والتقديم له، فجزاه الله تعالى خيرا.