ربما كان ابن الكلبي أعلم الإخباريين جميعا بتاريخ العرب القديم وأخبار الملوك والأعلام والأحداث والأنساب، وليس أدل على ذلك من مقولة ياقوت الحموي فيه التي سبق ذكرها في توثيقه، لكن كتبه الكثيرة في هذه الحقول قد فقدت، ومن هذه الحقول حقل يعنى بافتراق القبائل وانتقالها من محل إلى آخر، وبقاء بعضها على نسبها، وانتساب بطون أخرى إلى القبائل التي انتقلت إليها.
وله في ذلك كتب عديدة إن أهم كتابين أشارا إلى نصوص باقية من هذه المصادر المفقودة هما كتاب معجم ما استعجم من أسماء البلدان والمواضع لأبي عبيد البكري، ومعجم البلدان لياقوت الحموي.
وإن المادة التي دونها البكري في مقدمة كتابه كان أغلبها مستقى من كتاب لابن الكلبي، لكنه لم يصرح باسم الكتاب الذي نقل عنه، أما ياقوت الحموي فيذكر في مواضع متفرقة من كتابه كثيرا من المادة التي ذكرها البكري، وينسبها إلى كتاب "الافتراق" أو " افتراق "العرب" لابن الكلبي.
والمادة التي نقلها البكري تشير إلى أخبار تتعلق بتفرق كثير من البطون المنتمية إلى بني معد بن عدنان وهم نزار وربيعة وإياد وأنمار، والقبائل التي تفرعت عنها، ولا يلتفت لقبائل اليمن - التي لا تمت بصلة إلى قبائل معد بصلة جوار - إلا فيما يخدم الخبر عن تفرق بني معد.
وهذا يدل على أن الأخبار التي رواها ابن الكلبي عن تفرق القبائل كانت متناثرة في كتب عديدة كل منها يعنى بمجموعة قبائل أصل واحد، مثل كتبه : افتراق ولد معد، افتراق ولد نزار، تفرق الأزد.