إن تحقيق النصوص القديمة يحفظ تاريخ تراكم العلوم وتطور التأليف فيها ومعالجتها، ويحفظ معلومات عن ثقافة المؤلف وتكوينه العلمي من شيوخ ومصادر وآراء، وكلها جوانب علمية نحتاجها جنبا إلى جنب مع المناهج الحديثة.
وان طبيعة تراثنا تتيح لنا أن نتصور الذي ضاع منه من خلال ترميم النقول التي وصلتنا عن الأثر الذي ضاع، وقد حاول هذا البحث ترميم ما تبقى من كتاب الأمالي لابن خالويه (ت۳۷۰هـ) ومساءلته عما يمكن أن يدلي به من معلومات عن محتوى هذه الأمالي وحجمها.
وغير خاف أهمية كتاب ذي حجم وصل إلى أربعة مجلدات ومؤلفه هو ابن خالويه، وزمن تأليفه هو زمن الازدهار العلمي في العالم الإسلامي؛ القرن الرابع، وكان صاحبه قريبا من شخصية مهمة في التاريخ الإسلامي وهي شخصية سيف الدولة. الحمداني، وكان متنوع الثقافة ومتمكنا من عدة علوم القراءات واللغة والنحو.
وركز هذا الكتاب - بعد دراسة نصوص الأمالي عامة - على دراسة نصين منها في دراسة مستقلة لكل منهما، وهما نص وصف ديك لأبي القاسم الهبيري وشرح غريبة لابن خالويه، ونص مسألة المحراب نظرا لكبر حجمهما، وأهمية ما يحملانه من معارف لغوية ومن ملامح الشخصية العلمية لابن خالويه، فقام الباحث بتحقيقهما ثم دراستهما، من حيث مصدرهما، وموضوعهما، وزمن تأليفهما، وتحقيق نسبتهما، ومصادر ابن خالويه فيهما، وسماته الأسلوبية فيهما، وأهميتهما، والمآخذ عليهما، والتعريف بأبي القاسم الهبيري، وغير ذلك من بحوث.
