يبحث الكثيرون عن الحلول في التاريخ، غافلين عن أن الحلول والمشكلات في الجغرافيا، وما آلت إليه من تقسيم مُحكَم ومُذلٍّ لوجودنا. وإننا واجدون وعينا الثقافي وشكلنا السياسي في الجغرافيا، التي تشرح لنا بدقة حدودنا السابقة وأوضاعنا الجيوستراتيجية في العالم. تنير لنا الجغرافيا العربية الإسلامية القديمة الطريق إلى الوجهة التي ينبغي أن نمضي نحوها.
تولد المشاريع السياسية الكبرى من رحم الواقع. والسياسة تعني إدارة مساحات الوضوح والغموض معًا، ومن ينبغي أن يكون في الغد، بعد أن كان البارحة، ولم يعُد جديرًا بالبقاء، ومن يجب أن يدفع الثمن، ومن ينبغي أن يستفيد؟ السياسة أكثر شبهًا بالهندسة من الحساب، والهندسة السياسية يُتقنها «رجال الدولة»، وقد كان لدينا الكثير من رجال الدولة البارزين، الذين تركوا بصماتهم في السياسة والوعي العربي.
لقد احتاج الحُكم على مرِّ التاريخ إلى «الأسلوب» أكثر من حاجته إلى التقوى الفردية. وعندما يكون الحكم أسلوبًا، وإن كان متواضع المنجزات، يُدخل صاحبه التاريخ، ويمنحه الاستمرارية في الوعي العميق للأجيال. الأسلوب هو أعلى مراتب السلطان، وأعزُّ ما تحتاجه السياسة العربية.
