التلمود هو أحد مصدرين أساسيين يمثلان الذاكرة الجمعية والمرجعية الحقيقية لليهود على مدى يقرب من سبعة عشر قرنًا من الزمان، وهذان المصدران هما: التوراة اليهودية، والتلمود.
أما التوراة فحقيقتها معروفة، والخلاف حولها عند اليهود محدود، والأخبار الواردة في شأنها معلومة، فالخلاف حول التوراة عند اليهود في بعض ما يتصل بها مشهور معروف للجميع، إضافة إلى أن توراة يهود في متناول الأيدي لمن يريدها.
وأما التلمود: فالخلاف حوله كثير ، والبحث حول حقيقته، ومصدره ونشأته، وصلته بموسى عليه السلام ، ثم حول تأليفه وتدوينه، والذين قاموا بتلك المهمة الخطيرة، وتاريخ ذلك التدوين، وقبل كل ذلك حول الأسباب التي جعلت اليهود ينشئون مثل هذا المصدر الديني ويدونونه، ويرتبطون به هذا الارتباط القوي الذي يكاد يزري بارتباطهم بكتابهم الأصل: التوراة. نقول: إن الخلاف حول التلمود وتلك القضايا التي تتعلق به خلاف كثير، والبحث حولها هام وخطير .
وما هذا المؤلف الذي نرقم سطوره إلا لبنة في سلسلة دراسات في العقيدة والأديان البناء الطيب الذي نهدف به إلى ما هدف إليه السابقون علينا من التعريف بهذا المصدر اليهودي المهم، بل الأهم، ثم معرفة الشخصية اليهودية، وفهم سلوكياتها، والمؤثرات فيها ، ومن ثم معرفة كيفية التعامل مع اليهود تعاملا يقوم على مخطط علمي صحيح، وليس على عواطف هوجاء، واجتهادات عمياء.
أ. د. محمود محمد مزروعة