فلما كان القرآن الكريم أشرف الكلام لفظاً، وأكثره من المعاني حظاً، كتب في تفسيره كل على قَدْرِ قُدْرَتِهِ، وحسب ثروته، فما ركدت ريحه، وما خبت مصابيحه وهذا شرح لكتاب من تلكم الكتب التي رأى أصحابها في تأليفها غُنم، والابتعاد عنها حسرة وغُرْم، ألا وهو كتاب: «المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» للإمام القاضي الفقيه المالكي أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية وهو - أي الكتاب - كما يقال : اسم على مسمى، فهو محرر ووجيز.
أما الوجازة فقد تكون نسبية، ولكن من اطلع على التفاسير الطوال مثل تفسير الطبري (ت: ۳۱۰) ، أو تفسير الثعلبي (ت: ٤٢٧)، أو تفسير الرازي (ت:٦٠٦) ، فإنه يظهر له معنى الوجازة في هذا الكتاب، وسأنقل من نصوصه لاحقاً ما يدل على أن الوجازة في هذا الكتاب كانت مقاصده في تأليفه.
وأما كونه محرراً ، فهذا أيضاً وصف صادق من المؤلف على تصنيفه هذا ، فهذا التفسير من أنفس التفاسير، وقد تعاهده العلماء شرقاً وغرباً، قديماً وحديثاً، بل ذاع صيته وشاع ذكره في حياة المؤلف، ومن قرأ فيه تجلّى له فضله وعرف التحرير الذي فيه.