كتاب رائعٌ ماتع، يبيّن فيه ابن القيم رحمه الله شيئاً من عظمة الله تعالى وحكمته من خلق المخلوقات كالليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والجبال والكواكب والشجر وخلق الإنسان والحيوان، وأن الله تعالى بحكمته ورحمته سخّر لخلقه جميع ما يصلح معه أمر معاشهم ودنياهم، ويُذكّر بنعم الله التي أنعم بها على خلقه، ويدعو إلى التفكر في عجائب الخلق، ويبيّن أن حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية وأنها فوق حاجتهم إلى كل شيء، ويذكر فصولاً نافعة في التفاؤل والتشاؤم والطيرة والعدوى وأنواعها، داحضاً أقوال المنجمين ومبيناً ضلالات أصحاب الأبراج في معرفة الغيب، وغيرها من المباحث النافعة.
لما كانت مؤلفات الإمام الجليل ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى زاخرة بالتحقيقات العلمية والتجليات الإيمانية التي تعظم حاجة الناس إلى مداومة النظر فيها على اختلاف مستوياتهم المعرفية، فضلًا عن طلاب العلوم الشرعية، والتي قد يحول دون قراءتها ورودها بين أمواج بحر تقريراته وردوده ذات النفس الطويل ظهرت الحاجة لتقريب مصنفاته بتقديم تهذيبات علمية مركزة لمباحثها وأفكارها، دون ما فيها من الاستطرادات التي لا تكون محل اهتمام لدى غير المختصين بموضوعاتها فجاء هذا العمل محققًا لتلك الغاية الشريفة، خذمةً لعموم المسلمين وخاصتهم، سواء منهم من لم يتسنَّ له قراءة الأصل أو من أراد تكرار النظر في زبدة ذلك الأصل وجاريًا على طريقة أهل العلم في اختصار التصانيف وتهذيبها.