الأربعونَ النَّوويَّةُ: كتابٌ مشهورٌ، عكفَ عليهِ العلماءُ بالشَّحِ، والتَّفسيرِ، وأقبلَ عليهِ الكافَّةُ بالحفظِ، والعنايةِ، والتَّوقيرِ، انتخبهُ مؤلِّفهُ رحمه الله منْ الأحاديث الصحيحة الجوامع التي عليها مدار الأحكام، وردَ عنِ النَّبيِّ ﷺ في الحثِّ على حفظِ أربعينَ حديثًا حديثٌ رويَ منْ طرقٍ متعدِّدةٍ، لا يخلو شيءٌ منها منْ مقالٍ، وقدْ أجمعَ أهلُ العلمِ بالحديثِ على ضعفهِ، وعدمِ ثبوتهِ، وإنْ تعدَّدتْ طرقهُ، وكثرتْ أسانيدهُ، قالَ النَّوويُّ رحمه الله: اتَّفقَ الحفَّاظُ على أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، وإنْ كثرتْ طرقهُ. وقدْ حرصَ كثيرٌ منْ أهلِ العلمِ على جمعِ أربعينَ حديثًا منَ الأحاديثِ النَّبويَّةِ الصَّحيحةِ المشهورةِ، فمنهم: منِ استأنسَ في ذلكَ بهذا الحديثِ المذكورِ، ومنهم: منْ قصدَ تبليغَ أحاديثِ النَّبيِّ ﷺ، وبيانها للأمَّةِ، ومنهم منِ اقتدى في ذلكَ بمنْ سبقهُ منْ أهلِ العلمِ، ممَّنْ صنَّفَ في الأربعينَ. قالَ النَّوويُّ رحمه الله في مقدِّمةِ الأربعينَ: «وليسَ اعتمادي على هذا الحديثِ، بلْ على قولهِ ﷺ في الأحاديثِ الصَّحيحةِ: «ليبلِّغِ الشَّاهدُ منكمُ الغائبَ»، وقولهِ ﷺ : نضَّرَ اللهُ امرأً، سمعَ مقالتي، فوعاها، فأدَّاها كما سمعها.