الحمد الله الرحيم الرحمن الذي علم القرآن، والصلاة والسلام على النبي العدنان سيدنا ونبينا محمد خير من علمه الله البيان، وعلى آله وصحابته من خطوا رسم المصاحف والفرقان، أما بعد:
إن من أشرف العلوم وأجلها ما هو متعلق بما نزل على سيدنا محمد من كلام رب البرية الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وقد هيأ الله سبحانه وتعالى لكتابه علماء اعتنوا بالقرآن عناية فائقة، في أدق تفاصيله حفظاً ونقلاً وكتابة ورسماً وضبطاً، ومن أشهر هؤلاء العلماء الإمام المقرئ محمد بن محمد بن إبراهيم الشريشي الشهير بالخراز المتوفى سنة (۷۱۸هـ ) - رحمه الله - الذي نظم نظماً بديعاً في رسم وضبط القرآن سماه (مورد الظمآن)، ويعتبر هذا النظم عمدة في علم رسم وضبط المصاحف من زمن المؤلف إلى يومنا هذا ، وقد تعاقب على شرحه أئمة أعلام على مر العصور والدهور، وقد اعتمد مؤلفه على أربعة كتب وهي: المقنع للداني، والتنزيل لأبي داوود، والعقيلة للشاطبي، والمنصف لأبي محمد البلنسي.
ولأهمية هذا النظم والحاجة طلاب هذا الفن إليه حفظاً وفهماً وتطبيقاً، رأيت الحاجة إلى إخراجه بحلة قشيبة، ومراجعته وتدقيقه على أصح النسخ المتوفرة لدي ولا أدعي في عملي هذا الكمال، بل هو جهد مُقلٍ، ومحاولة مجتهد لخدمة طلاب هذا العلم الشريف، وقد طبع هذا النظم عدة طبعات، وقد استفدت من بعضها، وقد ألحقت بهذا النظم منظومة (الإعلان) بتكميل مورد الظمآن) للإمام عبد الواحد بن عاشر المتوفى سنة ( ١٠٤٠ هـ ) - رحمه الله - إتماماً للفائدة، وتيسيراً على الطلاب في جمعها في كتيب واحد، وكان من منهجي في الاعتناء بهذه المنظومة :