يُعَدُّ كتاب «غنية المسترشد ومنية الراشد» المعروف بـ«جَدَل الشريف» للإمام أبي المحاسن شَرَف شاه المراغي (ت543هـ)، من أجَلّ ما صُنف في علم الجدل، إذ انتهج فيه مصنفه طريقة متفرِّدة في بيان قواعد هذا العلم.
وتتجلى أهميته في كونه يشكّل حلقة مهمة في تطوّر علم الجدل الأصولي في منتصف القرن السادس الهجري، امتدادًا لمن سبقه من فحول الأئمة في القرن الخامس، كابن فورك والجويني والشيرازي والباجي والغزالي وغيرهم، الذين كانت لهم مشاركات جليلة في تأسيس قواعد هذا العلم والنهوض بمناهجه على مستوى النظر والتطبيق في تلك الحقبة التي شهدت فيها العلوم الإسلامية نهضةً لم يسبق لها مثيل.
ومما يزيدنا تأكيدًا على أهمية الكتاب وأحقيته بالعناية أنه يعد عمدة الدرس الجدلي في وقته، حيث بقيت معاقد هذا العلم مؤسَّسة عليه مدة طويلة، فعكف عليه الطلاب حفظًا، واعتنى به العلماء تدريسًا وشرحًا، ليكون سبيلًا ممهِّدًا لتحقيق أصول النظر وملكة الجدل.
وقد عُني بتحقيق هذا الكتاب وخدمته الباحث المُجِيد الأستاذ الحسين مهداوي، حفظه الله تعالى ووفقه إلى المزيد من العطاء.