فإن علم الفقه هو العلم بالأحكام الشَّرعية العملية من أدلتها التفصيلية، وهو من أجل العلوم وأشرفها قدراً؛ إذ أنه يُمثل حياة الناس العملية من أدلتها التفصيلية؛ ولهذا فإن معظم استفتاءات الناس فقهية... ومن أبرز مجالات علم الفقه التي عني بها فقهاؤنا .. علم الفروق الفقهية، وهو علم عظيم، وقد وصفه السيوطي رَحمَهُ اللهُ بأنَّه (به يطلع على حقائق الفقه ومداركه و مآخذه وأسراره، ويتمهرُ في فهمه واستحضاره ، ويقتدر على الإلحاق والتخريج ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على ممر الزمان ولهذا قال بعض أصحابنا: "الفقه معرفة النظائر "). قال: (وقد وجدتُ لذلك أصلاً من كلام عمر بن الخطاب رضايته عنه، في كتابه المشهور لأبي موسى رَوَالله عَنْه: .. اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عندك فاعمد إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق فيما ترى هذه قطعة من كتابه، وهي صريحة في الأمر بتتبع النظائر وحفظها، ليقاس عليها ما ليس بمنقول، وفي قوله: «فاعمد إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق»: إشارة إلى أن من النظائر ما يخالف نظائره في الحكم لمدرك خاص به، وهو الفن المسمى بالفروق، الذي يذكر فيه الفرق بين النظائر المتحدة تصويراً و معنى، المختلفة حكماً وعلة .ا.هـ.
وقد سعدتُ بأن كنتُ عضواً في لجنة مناقشة أطروحة الدكتوراه، لأخينا الشيخ الدكتور نايف بن إبراهيم المسعد بعنوان: الفروق الفقهية عند الشافعية في كتاب الحج - جمعاً ودراسة).
وقد قرأتُها قراءة فاحصة، فوجدتُها رسالة قيمة مفيدة في موضوعها، وقد بذل فيها الشيخ نايف جهداً كبيراً... مستوفية للمنهج العلمي، مع الاعتدال في الطرح، وبروز الشخصية مع التّواضع...، والشيخ نايف من خواص طُلابنا المتميزين، وكان ممن يلتزم بحضور دروسنا الأسبوعية عدة سنوات.
أ.د.سعد بن تركي الخثلان
