إن الحديث عن التشبيه النبوي لا يقل أهمية عن الحديث عن التشبيه القرآني إذ يتطلب منها أن ننتبه إلى طريقة التصوير فيه، والتناسق الفني في إخراجه، إذ إن التشبيه في واقع الأمر ما هو إلا إدراك ما بين أمرين من صلة في وقعها على النفس تلك الصلة هي قاعدة التعبير في القرآن أم السنة النبوية؛ إذ إن السنة النبوية ما هي إلا وحي من الله إلى رسوله ﷺ، وعلى ذلك فالملامح الفنية في الحديث النبوي ليست صنعة لفظية، وليست خيالا تصويريًا، يمليه الشعور ويشكله الإحساس الفردي، فالمعنى والمبنى يمتزجان في الحديث الشريف، والفكر والأسلوب يتعانقان فيه؛ ليقدما للبشرية المنهج الإسلامي السديد المنبثق من هدى القرآن العظيم.
هذا العمل الذى يدور حول التشبيهات النبوية، وهى جزئية بسيطة من بيانه فبلاغته وبيانه جمع المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية وبديعيات الكلام لم يتناولها أحد بالدرس، كذلك لم تحظ بلاغة الرسول إلا ببعض الدراسات القديمة.
ومن هنا كان الواجب علينا أن نكشف أوجه الجمال في التشبيه النبوي، وذلك لشرف التشبيه في أنواع البلاغة، وأنه إذا جاء في أعقاب المعاني أفادها كمالا، وكساها حلة وجمالا، ولما للتشبيه من مزايا يغفل عنها البعض، ولا يحيط بها علمًا إلا من صح ذوقه؛ لأن المزايا التي تحتاج أن تعلمهم مكانها، وتصور لهم شأنها أمور خفية، ومعان روحانية أنت لا تستطيع أن تنبه السامع لها، وتحدث له علما بها حتى تكون مهيئا لإدراكها، وتكون فيه طبيعة قابلة لها، ويكون له ذوق وقريحة، ولما كانت التشبيهات الخالدة خلود الزمن صنعها رب العباد وألهمها لنبيه وبناها على شيء طبيعي، عناصرها عناصر الطبيعة الناطقة بعظمة الله وعظمة نبيه، صادقة بكل مقاييس الصدق، ولذلك جاءت التشبيهات النبوية من واقع أحوال الناس، ومن عناصر الطبيعة المحطة بالإنسان من حيوان ونبات وجماد.