الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون مَن َضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويُبصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم مِن ضالّ تائه قد هدوه، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
فبين يديك أخي القارئ الكريم صفحات يسيرة، حوت في طياتها مواقف عظيمة، لشخصيَّاتٍ هيَّأها الله لنصرة أحمد في محنته، عبر نصائح غالية، وكلمات مؤثرة نافعة، أعانت أحمد على الصمود والثبات، وتقحم الصعاب والمهلكات في حفظ الشرع والملة، ونصرة الكتاب والسنة.
جمعتها في هذه الوريقات؛ إبرازاً لهذه المواقف الصادقة، وإظهاراً لجميل صنع أصحابها، وبياناً لفضلهم بعد فضل الله في تقوية الإمام وتثبيته، ونصرته وتأييده والربط على قلبه وتشجيعه، حتى يقوم مقام الصدق الذي قامه، ويثبت في المحنة الكبرى التي ابتلي بها، مع ما فيها من تسلية لكلِّ ممتحن في دينه ثابت على منهجه وعقيدته.
وقد رأيت أن أذكر طرفاً من مواقف الإمام الدالة على عظم ثباته ورسوخه في هذه المحنة، قبل أن أسوق مواقف هؤلاء الناصحين في نصرة الإمام وتثبيته، فكانت هذه الرسالة في مبحثين:
