فإنَّ النحو العربي من أهمّ علوم الآلة ، إذ به يستقيم اللسان، وتتميز المعاني، وتنكشف أساليب الكلام، وتتبين أسرار الخطاب، وتتضح فحوى النص ودلالاته ؛ لذا أولاه العلماء اهتمامًا كبيرًا ، وعناية فائقة، فبذلوا فيه جهودًا طيبةً لا يمكن تجاهلها، تدريسًا وتأليفا، وشرحًا وتفصيلا وتقريبا ، 6 فكثرت بذلك المؤلفات بين مُطوَّلٍ ومختَصرٍ ، ومنظوم و منثور، ومتون وشروح، وحواش وتعليقات وتقريرات.
ومن تلك المؤلفات التي كتب الله تعالى لها القبول بين خواص أهل العلم وعوامهم : (ألفية ابن مالك ، الموسومة بـ(الخلاصة)، فقد هيأ الله تعالى لها قبولاً ورضًا لم يهيئه لمتن نحوي غيرها، اللهم إلا ما كان من (متن الآجرومية)، مع الفارق في المنهج والأسلوب والطبقة والمستوى.
ولما كانت الألفية بهذهِ المنزلة ، عُني بها العلماء قديمًا وحديثًا، فقرروها منهجًا للدراسة، وشرحوها ، وعلّقوا عليها، وبينوا خفاياها ومعانيها ، وقرَّبوا فهمها لطلبة العلم الذين كانوا يحفظونها غيبا كما يحفظ أحدهم اسمه.
ومن الشروح الكثيرة للألفية : (شرح الإمام جلال الدين السيوطي ت ۹۱۱ هـ) الموسوم بـ (البهجة المرضية في شرح الألفية)، وهو شرح مهم في أسلوبه ومنهجه وطريقة عرضه لقواعد العربية في الألفية، وهو شرح متوسط، ليس بالمختصر المُخِلِّ، ولا بالطويل الممل، عني فيه الإمام السيوطي بذكر الشواهد النحوية من القرآن الكريم وقراءاته، والحديث النبوي الشريف ورواياته، وكلام العرب المنظوم والمنثور، والأدلة العلمية على ما يورده من مسائل.
لذا قرره العلماء والشيوخ مادةً علميةً يدرسها الطالب على أساتذته وشيوخه، فقد جرت عادة كثير من أهل العلم عندنا في العراق على قراءة شرح السيوطي البهجة المرضية ضمن المناهج المقررة في الإجازة العلمية (العالمية) بعد : الآجرومية وبعض شروحها ، وقطر الندى وشرحه لمؤلفه، وبعض حواشيه، وشذور الذهب.
ولكن شرح السيوطي تضمن عددًا من المباحث والمسائل التي تحتاج إلى توضيح وتقريب؛ لأنه كتبه في بيئة علمية خاصة، لذا فقد كتب عدد من العلماء عليه تعليقات وحواشٍ، منهم: الشيخ محمد صالح بن إبراهيم بن حسين الإحسائي (ت ۱۰۱۸ هـ ) ، والشيخ العلامة عبد الكريم الدبان التكريتي (ت١٤١٣هـ) رحمهما الله تعالى.
