فهذه عقيدة مختصرة، للإمام المفسّر ، المحدث الفقيه، محيي السنة، أبي محمد الحسين بن مسعود الفرَّاء البغوي الشَّافعي ، صاحب التصانيف السيارة في التفسير والحديث والفقه، ضمَّنها جملة من المسائل والدلائل في باب الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر، والرؤية، والإسراء والمعراج، والحوض، والشفاعة، والصحابة، وآل البيت، والإمامة، والجماعة والاختلاف، والإيمان والأسماء والأحكام والكرامات، وأشراط الساعة، والقبر والبعث والحشر.
فجاءت موجزةً في حجمها، جامعةً في عبارتها ولفظها؛ على نحو مراد مصنفها؛ حيث قال في أوّلها: (وهذا مختصرٌ في بيان ما لا بد منه لكل أحدٍ، فنبدأ بذكر الاعتقاد الصحيح المطابق للكتاب والسُّنَّة، وما لا يتعلَّق به فلا نتعرض له؛ لأنه خارج عن مقصود هذا المختصر).
وهي إلى ذاك حافلة بالنصوص والآثار؛ استدلالا واستشهادًا، وتضمنا واقتباسًا.
وقد نُسبت العقيدة في الأصل الخطَّيَّ إلى مصنِّفها، وجاءت ألفاظها وتقريراتها متوافقةً مع تصانيفه الأخرى.
وحرصت على الإحالة عليها والتوثيق منها خاصة (معالم التنزيل) و (شرح السٌّنَّة) - في غالب مسائل العقيدة؛ لربط كلام المصنِّف بعضِه ببعضٍ، ومراجعة مواضع البسط والبيان، ولتثبيت نسبة العقيدة إلى مصنِّفها والاطمئنان إلى صحَّتها؛ إذ لم أقف على من أشار إليها أو نقل منها، أو غير ذلك مما يُركن إليه عادةً في صحَّة نسبة النصِّ إلى مصنِّفه دون الحاجة إلى ما قدَّمت.
وقد جرى المصنِّف في العقيدة - وفي تصانيفه الأخرى-؛ مجرى كثير من متأخري المحدِّثين؛ فوقع فيها ألفاظٌ مجملةٌ ومواضع مشكلةٌ، وهي محلُّ بحث واستدراك؛ كمسألة الصفات الاختيارية، ونفي الحكمة والتعليل، والعدل الإلهي، والفرق بين المعجزة والكرامة وغير ذلك مما لا يخفى أمره على الباحث المختصِّ، ويسهل مراجعته في مظانِّه، خاصَّة فيما كتبه شيخ الإسلام ابن تيميَّة وابن القيم وابن أبي العز، وقد أحلت على كلامهم في تلك المواضع.