فإن من نعمة الله علينا أن أكمل لنا الدين، وأتم لنا النعمة، وأرسل إلينا رسولاً رحيماً بأمته، فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا وحذرنا منه صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، ولقد كان من جملة الخير الذي دللنا عليه، والشر الذي حذرنا منه، آداب شملت كثيراً من أمور الدين والدنيا،
فالعبادات لها آداب ومخالطة الناس والأهل والأولاد لها آداب.
والآداب منها ما هو مستحب ومكروه، ومنها ما هو واجب ومحرم ومنها ما هو مباح، وسوف يتضح بيانها عند قراءتها.
ومما ينبغي ذكره أن أهل العلم من السلف والخلف لم يتركوا هذا الباب دون تصنيف، بل ألفت فيه الرسائل والكتب الكثيرة، ولعل من أشهرها زاد
المعاد لابن قيم الجوزية، وكتاب الآداب الشرعية لابن مفلح، وكتاب غذاء الألباب للسفاريني، وغيرها من المصنفات. ولقد أحببت أن ألخص كلامهم، وأعرض تلك الآداب بأسلوب يقرب من الفهم، متحاشياً التطويل إلا إذا اقتضى المقام ذلك.
وختاماً فإن الكمال ،عزيز، وبلوغه صعب المنال، فمن وجد خللاً فليسده، ومن وجد نقصاً فليتمه، والله لا يضيع أجر المصلحين. والله المستعان، وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.