فهذا كتاب دراسات في الأديان، وضع بحسب المنهج المعتمد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، وفق معايير الاعتماد الأكاديمي.
وقد شاع في الدراسات الأكاديمية إطلاق اسم (الأديان) على هذا العلم، بينما يرى بعض العلماء عدم جواز هذه التسمية؛ لقوله تعالى:﴿إِنَّ الدّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلامُ﴾ [آل عمران: 19]، فدين جميع الأنبياء واحد وهو الإسلام ولا يستعمل لفظ (الدين) إلا مضافًا، اليهود، ودين النصارى ونحو ذلك، كما قال تعالى:﴿لَكُم دينُكُم وَلِيَ دينِ﴾ [الكافرون: 6]، كما سيأتي .
لكن يشهد لصحة إطلاق هذا الاسم (الأديان) حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قيل الرسول الله : أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: «الحنيفية السمحة»، ثم إن تسميتها بذلك باعتبار اعتقاد أهلها، فهي تسمى دينا وإن كانت باطلة، وقد سمى الله تعالى معبودات المشركين آلهة وهي باطلة، كما في قوله جل وعلا:﴿وَاتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكونوا لَهُم عِزًّا﴾ [مريم: 81]، وقوله سبحانه:﴿وَاتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُم يُنصَرونَ﴾ [يس: 74].
وقد اعتمدت في دراسة الأديان على المصادر الأصلية لكل ديانة ما أمكن، وهذا ما يقتضيه المنهج العلمي، حرصا على العدل معهم، وعدم التجني عليهم، عملا بقول الله تعالى: يَّأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُواْ قَوَّمِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَتَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ الامة .
وقد أفدت أيضًا من الدراسات المعاصرة، لا سيما تلك الدراسات التي كتبها باحثون مختصون عارفون بلغة أهل هذه الديانات، فخالطوهم عن قرب، وشاهدوا طقوسهم وشعائرهم، واطلعوا على كتبهم ومصادرهم، وحاوروا علماءهم، وليس المخبر كالمعاين.
كما حاولت أيضًا إبراز جهود علماء المسلمين في نقد هذه الديانات نقدا موضوعيًّا منصفا، ليتبين كيف أنهم سبقوا المدراس الغربية الحديثة في الدراسات النقدية لهذه المصادر والديانات.
وقد كنا نسمع من مشايخنا الذين تلقينا عنهم العلم في المرحلة الجامعية أنه لا يوجد في الجامعة مقرر دراسي كالحال في المراحل التعليمية السابقة، وإنما يوجد منهج يذكر مراجعه ويتم رجوع الطالب إلى هذه المراجع، ولا يجوز أن يضع الأستاذ للطالب مذكرة إلا إذا كانت تمثل إضافة للمنهج وتكون ضمن المراجع، ولكن هذا المستوى من الدراسات الجامعية غير متحقق الآن وآل الأمر في الغالب إلى مذكرات ضعيفة يكتبها الطالب تفتقد التحرير والتحقيق.
وحين قمت بتدريس هذه المادة لمست حاجة الطلاب إلى كتاب يجمع ما تفرق في هذه المصادر مع الترتيب والتحرير، حتى كأن هذه المراجع جميعًا بين يدي الطالب في كتاب واحد، ولأجل ذلك التزمت في كثير من الأحيان النقل الحرفي للنصوص، وعمدت أحيانًا إلى تكرار النقول في المعنى الواحد ليصل الطالب إلى فهم المراد، وليكون أعون على الضبط وأرسخ في الفهم.