أولع المؤلّف منذ شبابِ قلمِهِ بِالتَّقد التَّاريخي، وكتبه المحققة و تاليفه تشهد بذلك. وفي مرَّته هذه عطف قلمه نحو السيرة النَّبوية المُطَهَّرة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، لإزالة ما عَلِقَ بها من أوهام الرُّواة، ولَغَطِ الأهواء، فكان هذا الكتاب، وقد عالج فيه أبحانًا مهمَّة كاشفًا فيها بتفصيل واف عن وجه صوابها وفق منهج جديد يجمع بين منهجي المؤرخين والمحدثين في آن ومن هذه الأبحاث على سبيل المثال لا الحصر: قصة الرَّاهب بحيرا، وما أثاره بعضُهم من ذبحه للأوثان قبل بعثته، وفرية الغرانيق، وقصة إسلام عمر وتاريخ كتابة الوثيقة النَّبوية في المدينة المنوّرة. وكانت له وقفة طويلة مع حادثة الإسراء والمعراج، فاستقصى ما أمكنه من رواياتها الصحيحة، وأعاد بناءها على هديها ، ثم قارنها بما ورد من رواياتها الضعيفة والموضوعة، للوقوف على البون البعيد بينهما في رسم هذا الحدث العظيم فجاء هذا الكتاب بحقِّ فريدًا في موضوعه، فريدًا في معالجته ، فريدًا في عرضه وأسلوبه.