تمثل (الفتوى) الجانب التطبيقي الاجتهادي للفقه الإسلامي، وهي من الأهمية والخطر في حياة الأمة بمكان، إذ هي الهادية للمستفتيين في شؤون الحياة ومستجداتها على الدوام، بما يحقق مقاصد التكليف للفرد والمجتمع. ولذا كان الشذوذ في الفتوى معكّرًا صفو التدين العام، وخطرا على الاستقرار المجتمعي، ومن هنا تنبع أهمية هذه الدراسة التي بين أيدينا، لكونها تُعنى بموضوع (نقد الفتوى)؛ ذلك النقد الهادف إلى التسديد والترشيد الحركة الفتوى، من خلال إبراز معالم نظرية أصولية متكاملة في نقد الفتوى)؛ تؤصل له شرعياً من ناحية وتؤسس قواعده ومنهجيته من ناحية أخرى، وهي بذلك ترشد مسار الفتوى على نحو يحفظ هيبتها، ويصدّ الأدعياء عن ساحتها وحماها. ولم تقتصر الدراسة على الجانب التأصيلي النظري؛ بل شفعت ذلك بأمثلة واقعية لفتاوى معاصرة شابها الخلل، فأبانت عن وجه الصواب بما أصلته من قواعد نقد الفتوى. وقد أتقن الباحث الكريم الجانب التأصيلي إتقانا تاما، وأحسن اختيار أمثلته التطبيقية بحيث أضحى كتابه هذا مرجعا لا يستغنى عنه لكل باحث في هذا المضمار.