أما بعد: - فهذه مجموعة من الفتاوي أزفها إلى المجتمع الإسلامي في جميع أنحاء هذه المعمورة بعد جهد طويل وعمل متتابع كان دافعي الوحيد إلى الصبر عليه علمي الأكيد بحاجة المسلمين إلى هذه الفتاوي نظرًا لأنها صدرت عن شخصية لها مكانتها بين المسلمين لما كان يتصف به صاحبها من سعة في العلم وحدَّة في الذكاء ولما كان يتقلب فيه من أعمال كلها تشرف من قرب على مصالح المسلمين في الداخل ومع ذلك فقد عني من خلال تلك الأعمال بمصالح المسلمين خارج هذا الوطن فكانت الأسئلة تتوارد عليه بكل ما يعن لهم من مشكلات وما يهمهم من شئوون.
لذلك حرصت كل الحرص على أن تكون جامعة ففتشت كل المضان التي يتوقع أن تكون قد حفظت فيها هذه الفتاوي حتى إني جمعت بعضًا منها من أيدي الناس الذين وصل إليهم ما لم أجده في المضان التي عنيت بها.
على أني أعترف بالفضل لذويه فإن هذه الفتاوي قد لا ترى النور لو لم يأمرني جلالة الملك (فيصل بن عبد العزيز آل سعود) بإعدادها وتكليف الجهات الرسمية بتمكيني مما عندها وطباعتها على حساب هذه الدولة، فقد صدر أمره الكريم المرقم 18302-3-س في 3-10-1390هـ لمعالي وزير المالية والاقتصاد الوطني بما نصه:
(نفيدكم بموافقتنا على طبع هذه الفتاوي وأن يتولى الشيخ محمد ابن قاسم عملية الإعداد والتصحيح - لا سيما وأنه يشرف على بعض الكتب الدينية التي تقوم مطبعة الحكومة بمكة بطبعها، على أن لا يترتب على ذلك أي مصاريف، وعلى أن تتم إعارة الشيخ ابن قاسم من المعهد العلمي بمكة إلى أن ينتهي من هذا العمل. فاكملوا ما يلزم بموجبه) .