مما اتفق عليه العلماء أن الشريعة منطوية على مقاصد وغايات ومعاني، فالمقاصد نظام الشريعة الذي يَسْرِي في جميع أبوابها، وهذا مقتضى الحكمة في الخلق والأمر.
ومقاصد العقائد أهم المقاصد؛ لتعلقها بأصل الدين الذي عليه مدار النجاة.
وليعلم القارئ الكريم أن أصول النظر في المقاصد العقدية لم تكن جديدة ولا مستحدثة.
لقد كانت المقاصد العقدية حاضرة في مصنفات كثير من علماء السلف، غير أنها متناثرة بين فصول الكتب وأبوابها، وربما تحدَّثَ كثير منهم عن بعض المقاصد بمصطلحات أخرى؛ كالحكمة والغاية والغرض وأسرار وعلل التشريع، كما برز الحديث عن المقاصد عند المتقدمين في المصالح والمفاسد وربطها بمسائل الاعتقاد، وإن لم تُفرد في مصنفات مستقلة.
ثم جاء شيخ الإسلام رحمه الله وبَلَغَ في تأصيل وتقرير المقاصد العَقَديَّة مبلغًا، وارتقى فيها مرتقى كما هو معهود عنه، وهذا ما سأحاول إبرازه للقارئ الكريم في ثنايا هذا البحث.
