شرح الشعراء الستة 1/5 دار ابن حزم -لبنان

٣٤٥

في يوم الناس هذا تطغى المادية طغيانًا كبيرًا، فتذهب ببعض بهاء الحياة، وتستنبث أردأ ما في الإنسان من شمائل، وتقلل المتعة الروحية، إن لم تطمسها، مع أن الروح هي الشطر الأعظم من الإنسان، والجزء المُعلى من قيمته ووجوده، وهي التي إن ظمئت والجسد مرْتَوٍ، عاد حيوانًا مهملًا، أو جمادًا لا قيمة له، وربما كان الجماد أعلى قيمة منه:


أقبل على النفس واستكمل فضائلها    فأنت بالروح لا بالجسمٍ إنسانُ


ومن الموارد العذبة التي ينبغي لروح الإنسان أن تردها، وتنعم بقراحها، وتستكمل بها فضائلها، مورد الأدب الإنساني، ومنه كثير مما في تراث العرب، فقد جمع أشجان النفوس، وتطلعات الأرواح، واستبطن قائلوه خفايا النفس، ودقائقها، فجلوها في بيان عالٍ، ولغة مؤثّرة، وإتقان لغوي مدهش، وإبداع فني مثير، وخاطبوا بمقولهم النفس في كل زمان ومكان، فخلد إبداعهم على وجه الدهر، ولم يُخلقه كرور الليالي والأيام.


وذلك الإبداع العربي الخالد قمين بأن يُجلى لكل جيل جلاء متواترًا، وألا يُركَنَ في معرفته والاطلاع عليه إلى جهد قد يكون مضى زمانه، وغير أهله الواعون للغة التي أبين بها، أو شرح ؛ ومن أجل هذا فإني أشد أزر العلماء والأدباء الذين يسعون اليوم إلى تقديم تراثنا الأدبي تقديمًا جديدًا، يسدّ منافذ التقوّل فيه، ويطرّي وجهه، ويحسن ما سُعِي إلى تشويهه أو إفنائه، وما أكثر ما سُدّدت إليه السهام، حتى تكسرت النصال على النصال ! وحتى ساء ظنّ بعض الأجيال بأدب أمتهم، ونظروا إليه شزرًا، وباتوا في مسيس الحاجة إلى من يفتح أعينهم على محاسنه، ويأخذ بأيديهم إلى المنازِهِ النضرة، والحقول الخُضر، والفضاء الأفيح.


ومن هؤلاء العلماء الذين سعوا ذلك المسعى الحميد أختنا الفاضلة الباحثة الدكتورة كاملة الكواري التي قدّمت في سلسلتها هذه ألوانًا من الشعر القديم، سعت فيها إلى ترويض نافرها ، وتدميث وعرها، فجاءت بها سارةً الناظرين، مُعْجِبَة للمطالعين، واقتدرت بما اختطّت من منهج مطّرد لاحبٍ، على أن تسهم إسهاما مشكورا في خدمة أدبنا القديم، وإعادة تقديمه إلى الأجيال الجديدة، في حلل ضافية تسرّ الأعين، وتبهِج النفوس.


ومع هذا الجهد المشكور، قد يجد القارئ ما يخالف فيه الباحثة من رأي، أو طريقة شرح وبيان، أو أسلوب عرض، وله الحق في ذلك، وهو من علائم النضج ومظاهر التلقي الحيّ الذي نحن أحوج ما نكون إليه، ولا أحسبُها إلا متهيّئة لذلك، بل متطلعة إليه تطلع المشوق، وحسبها أن عِلمت فعملت، واجتهدت فأضافت وأٌعجِبت فأرادت أن تعجّب، وأن تشرك القارئ معها في تذوّق نصوص أدبية خالدة.


هذا، وأسأل الله لها مزيدًا من النشاط العلمي، حتى تتحف قراء التراث العربي بمؤلفات أخرى، تكشف بها بعض المجاهل، وتَرودُ رياضًا أنُفًا، وتعطف الأنظار إلى تخوم جديدة من بدائع الأدب، وأحرِ بها أن تنهَد لذلك! يسر الله لها ما عسُر ، وأَلَانَ لها ما قسا، ولقّاها ما تطمح إليه، والله ولي التوفيق.


د. عبدالله بن سُلَيْم الرشيد


منهج د. كاملة الكواري في الشرح:

۱- شرح المعنى الإجمالي للبيت.

۲- شرح الكلمات، وإذا كانت موجودة في الكتاب والسنة أشرت إلى ذلك؛ ليكون الطالب على بصيرة من أنها من الشواهد.

3- التطبيقات البلاغية.

٤- إذا كان البيت من شواهد النحو أو البلاغة بينت ذلك.

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٤٫٨٧٥ كجم
  • ٣٤٥
نفدت الكمية
المنتج غير متوفر حاليا

منتجات قد تعجبك