فإن علماء أمة محمد ﷺ اجتهدوا ما بلغه وسعهم، وبينوا بما مكنهم الله ما استطاعوا الوصول إليه من أحكام، استنادًا إلى الأدلة التي تُبنى عليها الأحكام سواء كانت من المنقول أو المعقول، واعتمادًا على الطرق التي ترشد إلى الفهم الدقيق، وتجنّب المجتهد من السير في دروب غير معلومة النهاية، ولا موصلة إلى العلم، أو إلى الظن الذي تطمئن إليه القلوب.وسعوا إلى أن يضيفوا إلى الأدلة المتفق عليها من كتاب وسنة وإجماع وقياس،
ما يستعينون به على إدراك حكم ما لم يتوصلوا إليه من المتفق عليها، فكانت لهم مناهج في هذا المجال، ربما اتفق أكثرهم عليها، وربما انفرد بها بعضهم دون بعض، ومن هذه المناهج، أو الطرق الاستحسان الذي اشتبكت بشأنه الآراء، وتضاربت فيه وجهات النظر فقسا بعضهم على بعض في القول به، وأغلظ له في الانتقاد. وهو الأمر الذي ما كان ينبغي أن ما صار إليه، لأن المهاجمين والمنتقدين اعتمدوا على ظواهر الألفاظ، دون ما قصد بها. يقول العالم الألماني ليبنتز: إن معظم الخلافات العلمية يرجع إلى خلاف على معاني الألفاظ ودلالتها.
وكنت قد تناولت هذا الموضوع في رسالتي (رفع الحرج في الشريعة الإسلامية)، وعددته مظهرًا من مظاهر التيسير ورفع الحرج، وقدمت فيه، في ضمن هذه الرسالة، دراسة أظن أنها كانت مفيدة، وربما كانت أوسع دراسة في الاستحسان حتى سنة مناقشة رسالتي المذكورة سنة ۱۹۷۲م إذ لم أجد في مجاله غير البحوث والمحاضرات التي ألقيت في أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان ابن تيمية ومن هذه المحاضرات.
۱- محاضرة الاستحسان والمصالح المرسلة لجودة هلال.
۲- بحث في الاستحسان لمحمود عبدالقادر مكاوي.
ولا أغفل عن ذكر الكتب التي عالجت هذا الموضوع معالجات خفيفة كالكتب التي في أصول الفقه والتي يمثل أغلبها محاضرات ألقيت على الطلبة والكتب المؤلفة في الأدلة المختلف فيها.