مؤلف الكتاب شديد القرب مما يكتب عنه، فهو باكستاني الأصل، شهد وعايش التيارات السلفية في بلده الأصل سواء أكان ذلك عن طريق متابعة صحف أو تنظيرات أو حتى عن طريق أقاربه، حيث نشأ هو في ألمانيا ودخل مدارسها وأتقن لغتها وحصل منها على الماجستير في فكر جماعة الاخوان المسلمين المصرية وحصل على الدكتوراه في دراسة مقارنة بين فكر نيتشه الفيلسوف الألماني الكبير وبين المفكر الباكستاني محمد إقبال.
إذن نحن أمام باحث استوى عوده -بكتابته لأبحاث عديدة - وامتلك أدواته لغة ومنهجًا.
يبدأ كتابه بالحديث عن "سلفيات" متعددة، ويقول مفندًا الأسباب ومستعرضًا التاريخ أنه كانت ولا زالت في عالمنا الإسلامي العديد من الصيغ "المختلفة" للسلفية وأن اختلافها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبره "بسيطًا" فهو يصل في بعض الأحيان إلى التناقض. ومن ثم يبدأ في سرد قصة ومبتدأ كل من هذه التيارات السلفية في مصر والشام والحجاز والشمال الافريقي وأيضا الهند مثل حركة أبو الأعلى المودودي، ويتحرك بعدها إلى فلسفة الأديان بصفة عامة ويتحدث عن أن فكرة "السلفية" أو العودة إلى السلف الصالح او إلى الأصل "قبل أن يلحقه تغيير" هي فكرة مستقرة في اديان كثيرة مثل اليهودية والمسيحية وأن الإسلام لم يكن عنها ببعيد. ثم يذكر الأسباب التي من شأنها أن تذهب بأتباع دين معين إلى أن "يتسلًفوا" ويقول أن التسلف في أحد وجوهه هو تعبير عن "أزمة"، ثم يرجع من بعد هذا إلى سيرة السلفيات الإسلامية ويقول إن منطلقها كان السؤال "لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم" وأن احد الإجابات الكثيرة التي كانت مطروحة هي "لأنهم تركوا منهج السلف" وأننا "بمجرد عودتنا إليه" فإن الأمور ستعود إلى نصابها وسيصير المسلمون من جديد "قادة العلم" في العالم.
بعد أن استعرض محمد سمير تيارات السلفية هنا وهناك، يبدأ في الإجابة عن السؤال عن الأسباب التي لم تجعل هذا النهج الإصلاحي ينجح؟ فهذه التيارات تمسكت بالسلفية واسست دول حتى على هذا النهج ورغم هذا فالريادة وقيادة العالم لم تتحقق!
يستعرض كذلك سؤال الآخر العلماني او الليبرالي في العالم الإسلامي المعاصر وهو طرح أكثر منه سؤال عن حاجة الإسلام إلى "مارتن لوثر" مسلم يقوم بعملية الإصلاح هذه.
يفند محمد سمير مرتضى هذه المقولة أيضا بحرفية اقتدار شديدين رافضا لها تماما، ولكن عن علم وتقعيد منطقي وليس عن شوفينية دينية وينتهي إلى النتيجة أن الإسلام ليس في حاجة إلى الإصلاح وانما المسلمون هم من في حاجة إلى هذا.
ينهي محمد سمير مرتضى كتابه بتقديم روشتة علمية للإصلاح، إصلاح المسلمين عن طريق المنهج العلمي وليس عن طريق الشعارات.
الكتاب مكتوب بلغة سهلة وجاءت ترجمته دقيقة وبسيطة، حتى ليخال المرء أنه يقرأ كتابا مكتوبا في الأصل باللغة العربية.