شرح القواعد الفقهية الواردة في نظام المعاملات المدينة السعودي والتخريج عليها من مواد النظام نفسه ويليه كتاب مهارات تفسير النصوص النظامية
فإن القواعد الفقهية تهدف إلى جمع ما تناثر من الفروع الفقهية، وتحكم صياغة أحكامها ضمن كليات يندرج تحتها فروع كثيرة ، وربما لا تنحصر، وللقواعد الفقهية علاقة وثيقة بالأنظمة والقوانين من جهات متعددة، منها:
أن هذه الأنظمة لا تخرج في إطارها العام عن الفقه ، ومن هنا فهي تكتسب من القواعد الفقهية ما يكتسبه الفقه منها ، فهي تجمع شتات ما تناثر من الفروع ، كما أنها تيسر عملية التخريج فيما لم يُنص عليه من الأحكام في النظام .
ومنها أن القواعد الفقهية كان لها أثر في صياغة الأنظمة والقواعد النظامية، وهذا لائح بين منذ صدور مجلة الأحكام العدلية فما تلاها.
ومنها أن الاعتناء بالقواعد الفقهية يُنمّي الملكة القضائية والقانونية في ضبط ما تناثر من الأنظمة ، وفي استنباط الأحكام التي لم يتعرض نص النظام لبيانها ، وفي تنزيل أحكام النظام على الوقائع ، وفي تفسير ألفاظ النظام وبيانه.
ومنها أن القواعد الفقهية تعتبر مستندًا نظاميا لبيان الأحكام وتسبيبها، وهذا ما نص عليه المنظّم في نظام المعاملات المدنية على جهة الخصوص كما سيأتي بيانه.
ولأهمية هذه القواعد صدر نظام المعاملات المدنية مضمنا بجملة من هذه القواعد الكلية الفقهية، وموضحا أنَّ هذه القواعد من جملة ما يعتمد عليه المجتهد في النظام، ولأهمية هذه القواعد رأيت أن أقوم بشرحها شرحًا موجزا، يُشار فيه إلى معنى القاعدة ودليلها، وشيئا من قيودها، ثم أخرج عليها بعضا من مواد النظام نفسه.
وتتبين أهمية هذا الموضوع بما يلي :
أولا : أنه يشرح القواعد التي نص النظام على كونها من جملة مصادر تطبيق النظام والكشف عن الحكم .
ثانيا : أنه يبين العلاقة الوثيقة بين النظام والقواعد الفقهية، من حيث كونها مستندا له، ومن حيث اتساق مواد النظام مع هذه القواعد التي جعلت من مصادره، وهذا بدوره يبين اتساق هذه المواد النظامية مع الشريعة الإسلامية التي تأصلت هذه القواعد من خلالها، واعتمدت في قيامها على الأدلة المستفادة منها.
ثالثا : أن هذا الموضوع يكتسب أهميته من كونه متعلقا بنظام يُعد من أهم الأنظمة التي سعت الدولة السعودية - وفقها الله - إلى إصدارها.
رابعا : أن فيه خدمة للمعتنين بالشأن النظامي من قضاة ومحامين وغيرهم، وذلك ببيان هذه القواعد وربطها بمواد النظام مما يفتح آفاق النظر والاجتهاد، والتسبيب لمواد النظام، والتخريج عليها فيما لا نص فيه.
وبما أنني لم أر بحثًا قد سبق إلى شرح هذه القواعد وربطها بالنظام نفسه، فقد رأيت أن أكتب فيه بحثًا قصدت فيه شرح القواعد دون إطالة، ثم ذكر بعض التخريجات الممكنة من مواد النظام نفسه، ولم أقصد الاستقراء التام، بل ذكر بعض الأمثلة التي تعد نموذجا لغيرها، ولم ألتزم عددًا معينًا، فقد تكثر الأمثلة في موضع دون آخر بحسب ما وقفت عليه منها في النظام.
أ. د. وليد بن فهد الودعان