كيف نتخذ القرار؟
ما هي الآلية؟
لا نعني هنا اتخاذ القرار على مستوى الدولة أو المؤسسات، بل على مستوى الأفراد العاديين في الحياة اليومية.
نندهش عندما نعرف أنه على المرء أن يتخذ مئات بل آلاف القرارات كل يوم، بدءًا من الجلوس على هذا المقعد، أو ارتداء هذه الملابس، أو السير في هذا الطريق، أو اختيار هذه الكلية، حتى نصل إلى قرار اختيار شريك الحياة.
يُروَى عن ستيف جوبز مؤسس "أبل"، أنه كان يحتفظ في دولاب غرفة نومه بنفس الأنواع من القمصان والتيشيرت والبنطلونات وبنفس الألوان ويرتديها نفسها كل يوم، فقط من أجل ألا يستغرق وقتًا ثمينًا في "اتخاذ القرار".
حسنًا، يبدو أنه سؤال صعب فعلًا.
ننتقل إلى السؤال الثاني: ما هو دور العواطف في اتخاذ القرار؟
كيف تؤثر فينا العواطف في لحظة القرار وما قبلها؟
فهناك قرارات يجري اتخاذها على مدى أيام أو شهور مثل الزواج، والهجرة، واختيار نوع الدراسة وغيرها.
ولكن هناك قرارات، يجب أن تتخذ في ثوانٍ وفورًا.
فكيف نقرر، وما هو دور العاطفة هنا؟
لا يجب أن نفهم أن الكتاب يحذر من دور العاطفة، وأنه ينصح بأن ننحيها جانبًا، أبدًا فهو يرى أن للعاطفة دورًا مهمًّا في اتخاذ القرار، ولكن كيف؟ هنا تكمن البراعة الحقيقية التي يهدف هذا الكتاب تعليمنا إياها.
كتاب اشترك في تأليفه رجلان؛ لكل منهما موقعه في الحياة الذي مكَّنه من أن يضيف جديدًا هنا؛ الأول هو أستاذ دكتور في علم النفس في جامعة هانوفر، والآخر هو مدير التحقيقات في المباحث الفيدرالية في ولاية بافاريا. الأول أجرى أبحاثه في العيادات والمستشفيات وشارك في السيمينارات الجامعية والأبحاث الأكاديمية، والآخر تعامل مع وقائع على الأرض من عالم الحوادث سواء طائرات أم سيارات، جرائم أم إفلاس شركات وبنوك، جرائم سياسية أم دولية، قتل أم انتحار، وخرج كل منهما بخلاصة تجاربه في الحياة وأصدرا كتابهما بالاشتراك عن واحدة من أهم دور النشر الأكاديمية المتخصصة وهي "شبرنجر ناتشر".
يقوم المؤلفان بذكر عشرات الأمثلة من حوادث وقعت بالفعل ويحللا فيها كيفية اتخاذ القرار ويقوِّمان النتائج، سواء أكانت قرارات بالإيجاب بمعنى أن يفعل المرء شيئًا أم حتى قرارات بالسلب؛ بمعنى أن "لا" يفعل المرء شيئًا، وتكون نتيجة هذا اللافعل جيدة.
سنجد أمثلة من أول قرار الطيار أن يهبط بالركاب فوق نهر هدسون، وهو قرار اتخذه في أجزاء من الثانية ضد كل التحذيرات التي وصلته، وصولًا لقرار الضابط الروسي بأن "لا" يطلق الصواريخ النووية ضد الولايات المتحدة مخالفًا بذلك كل التعليمات التي قالت له "اضرب" وكان "عدم" قراره هو الصواب، وغير ذلك من عشرات الأمثلة الأخرى.
الكتاب يهم متخذي القرارات في البنوك، والشركات، والمؤسسات الكبرى الاقتصادية والسياسية، ويهم أيضًا الفرد العادي في حياته اليومية، من أول الطالب في الجامعة، والأم في بيتها، والفتاة والرجل، الكتاب ببساطة للجميع.
الكتاب مترجم عن الألمانية مباشرة بقلمٍ خبيرٍ ومحترفٍ لنعمة سلطان، مترجمة وكالة الأنباء الألمانية بالقاهرة، التي سبق وأن صدر لها العام الماضي الكتابان الناجحان؛ دليل الآباء للثقافة الرقمية، ودليل الآباء لوسائل التواصل الاجتماعي.