يعدُّ هذا الكتاب أول كتاب مفرد في ترجمة الشيخ محمد بن علي بن آدم الإثيوبي، وقد التقى فيه الباحث بذويه من أقارب وتلاميذ وغيرهم، بالإضافة إلى اعتماده على ما كُتب في حياة الشيخ من تراجم، ناهيك أن مؤلفه ممن تتلمذ على الشيخ رحمه الله قريبًا من ثلاثة عقود، وشرَّفه الله بمزاملته في التدريس في دار الحديث الخيرية بعد أن تخرج على يديه.
ومن الجميل في هذا الكتاب أن مؤلفه - جزاه الله خيرًا - عُنِيَ باستنباط الدروس وتَجْلية العبر من حياة الشيخ رحمه الله، فيفوز القارئ بالفوائد التربوية والنكات العلمية، والمواقف النافعة في الهمة والصبر والتربية والتعليم، وشدة الجلد في تأليف الكتب، وبثِّ العلم صباحَ مساءَ!
وقد قدَّم للكتاب معالي الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد بتقديم رائق بيَّن فيه أهمية الكتابة في تراجم المعاصرين، ثم قال: "ومن تلك الكتابات ما كتبه فضيلة الشيخ/ أبرار الحق مولوي -وفَّقه الله - في ترجمة شيخه الشيخ الإمام العالم الأصولي المحدث النحوي الشيخ/ محمد بن علي بن آدم بن موسى الإتيوبى رحمه الله، وهو من علماء مكة المكرمة - حرَسها الله - ومن النوادر في الجلد والعمق في طلب العلم وتحصيله، وبذله مكتوبًا وملفوظًا، وقد عُرِف بموسوعيته العلمية في علوم الغاية والآلة.
وقد عرفتُ الشيخ رحمه الله في علمه وفضله، وحسن تديُّنه وورعه، ودأبه في بذل العلم تدريسًا وتأليفًا ومطالعةً.
أحسن الله إليه وأجزَل مثوبته، وجعل ذلك كله في ميزان حسناته، وأصلح عَقِبَه وذريَّته، وجعل فيهم من يخلُفه في علمه وفضله، إنه سميع مجيب.
وقد أحسن الشيخ الفاضل/ أبرار الحق مولوي في هذه الترجمة التي عنوَن لها: (صفحات مضيئة من حياة العلامة محمد بن علي بن آدم الإثيوبي رحمه الله: دروس ومواقف).
فشكر الله للشيخ أبرار الحق مولوي هذا الوفاء، ورَدَّ الجميل لشيخه محمد علي آدم رحمه الله.
سائلًا المولى العلي القدير أن يبارك في هذا الجهد، وينفع به طلاب العلم ومحبي الشيخ، وأن يكتُب أجر العلامة محمد علي آدم على ما بذل من العلم ونشره وبيانه".
منهج الكتاب:
صرَّح المؤلف بمنهجه في مقدمة كتابه؛ حيث آثر أن يرتِّب كتابه على أدب الرحلات، فقال: "هذه جملة من التقييدات والذكريات والخواطر والوقائع التربوية المنتقاة من سيرة ومسيرة شيخنا - رفع الله درجته في عِليين - التي هي في أسلوبها ونسقها أشبهُ بأدب الرحلات".
وأما عن هدف الكتاب، فقال: "سطرتُها تذكرةً للنفس، وعرفانًا لمن لا نقدِر أن نكافئ أفضاله علينا، وإفادة لمن أحبَّ هذا العالم الجليل، أو رغب في معرفة جوانبَ مشرقةٍ من حياته العلمية والاجتماعية".
ومن جميل ما في الكتاب أن المؤلف حفِظه الله بيَّن مصادره في الترجمة وهي ثلاثة مصادر كما نص عليها، وهي:
1- "ما علِق بالذاكرة ورسَخ في الأذهان عن الشيخ العلامة محمد بن الشيخ علي بن آدم رحمة الله عليهم.
2- ومما تكررت مشاهدته ممن حوله؛ من زملائه ومعارفه وملازميه من طلابه.
3- مع ما ظفرنا به من أحوال وخصال حدَّثنا بها أهله والمقربون منه، عزَبت عن الكثيرين من أنشطته في بث العلم وجهوده في تعليمه وتأليفه".
وقد حلَّاه المؤلف حفظه الله بمجموعة من الفوائد التربوية، جعلت الكتاب رائقًا منعشًا للعقول مُحييًا للقلوب كما سبق، وفي ذلك يقول في مقدمته: "يجد القراء في سطور هذه الصفحات مواقفَ تربويةً ودروسًا في الهمة، وفوائدَ مهمة، ومساراتٍ مشرقةً في التربية والتعليم والصبر".
ويجد القارئ وطالب العلم في هذا الكتاب دراسة مختصرة لجميع مؤلفات الشيخ رحمه الله التي تناولت فنونًا متعددةً، فقد عرَّف المؤلف بها، وبيَّن منهجه فيها وذكر ما امتازت به.
وتتلوها دراسة أيضًا لجميع الفنون والكتب التي كان يُدرِّسها رحمه الله منذ أن جاور الحرم المكي، فبيَّن أسماءَ الكتب والفنون التي درَّسها، وحدَّدَ أماكنها ومواقيتها، وتطرَّق لأسلوبه ومنهجه في التدريس، وطعَّمها بمواقفَ وقصص تحمِل في طيَّاتها العبر.