سمط الفرائد من شذور الفوائد جـ1 دار ابن الجوزي

٤٠

فإن الباحث والمطالع في كتب أهل العلم ـ لتأليف أو تحضير درس وغيرهما - يمر به أثناء ذلك بعض المسائل المهمة، والفوائد النفيسة، فيقوم بتقييدها ، حرصًا على حفظها، وخوفًا من نسيانها، فاجتمع عندي من ذلك شيء كثير ، وهذه جادة معروفة سلكها العلماء في قديم الزمان وحديثه، مثل: (عيون الأخبار لابن قتيبة)، (ربيع الأبرار للزمخشري)، (بدائع الفوائد لابن القيم)، (وخبايا الزوايا للزركشي)،(و كناشة النوادر لعبد السلام هارون)، (والمنتقى من فرائد الفوائد للشيخ محمد العثيمين)، (وصيد القلم لحمد بن إبراهيم الحقيل) ،وغير ذلك.


فقمت بتحريرها وتبييضها، ثم طباعتها، رجاءَ أن ينفع الله تعالى بها، وليس لي في ذلك كله إلا الجمع والترتيب، عدا ما حررته من بعض المسائل الفقهية وغيرها مما لا يوجد بهذه الصياغة في موضع آخر لغيري.


والغالب أن هذا النوع من التأليف لا يُرتب على نسق مُعيَّن، ولا على نهج مُبيَّن، (فهو يحوي من كل فنّ طَرفًا ومن كل نوع طرفًا) تُجمع فيه فوائد متناثرة، ليس فيها ترتيب ولا ضم للشبيه إلى ما يشبهه، فهي مسائل فقهية، وفوائد حديثية، وطرائف شعرية، وألفاظ لغوية، وفوائد نحوية، ومعلومات تاريخية، وغرائب ودقائق، ولطائف ورقائق، ومن طرافة هذا النوع أنه متنوع الفائدة يتنقل فيه القارئ من زهرة إلى زهرة، ومن روضة إلى روضة، وهذا أنشط للقارئ، وأبعث له على متابعة القراءة.


ومن أجمل صفات طالب العلم: الحرص على اقتناص الفوائد، وتسجيل الأوابد ولا سيما مسائل العلم التي تكون في غير مظانها، قال الشعبي : «إذا سمعت شيئًا فاكتبه ولو في حائط»، وقديما قيل: العلمُ صَيْدٌ والكتابةُ قَيْدُهُ قَيّدْ صُيُودَكَ بالحبال الواثقة فَمِنَ الحَمَاقَةِ أنْ تَصِيدَ غزالةً وتَفُكَّها بين الخلائقِ طَالِقه وما دون في هذه الكناشة ثلاثة أقسام:


۱ ـ قسم نقلته من خلال بحثي ومطالعتي، وهو الغالب، وعلامة هذا ذكر المصدر الذي نقلت منه إلا ما ندر، وما ذكر في هذا القسم قد يرد شيء منه محل تأمل، أو يحتاج إلى مزيد بيان، ولم أتعرض لشيء من ذلك - في الغالب - لان هذا ليس من شرطي في هذا الكتاب، وهو مجرد الجمع، مع ما قد يكون فيه من الإطالة.


۲ - والقسم الثاني كتبته ابتداءً، فحررت الكلام فيه بعد بحث المسألة وتلخيصها . والغالب ذكر المراجع التي تكلمت عن المسألة.


٣ - وقسم ثالث هو إجابة عن أسئلة سئلت عنها، فرأيت من الفائدة تحرير الجواب ونشره لتعم الفائدة، فكم من فائدة يلتقطها الباحث قبل أن يصل إلى مراده ؛ لأن المسؤول يستفيد قبل السائل إذا كان له هِمَّة في البحث والإجابة على السؤال إجابة كاملة مؤيدة بالدليل والتعليل، وهذا أمر ملحوظ محسوس ، وما أحسن قول الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي الله في فائدة السؤال لمن يوجه إليه : ونحن ممنونون في كل ما يقع من الإشكالات؛ لأنها قد تصير سببًا لبحث أمور لم تخطر على البال، ومراجعة محالها، وهذا من طرق العلم، فلا تحرمونا ذلك، أرجو الله أن يجعل عملنا وإياكم خالصا لوجهه.

هذا وقد سميت هذا المجموع: «سِمطُ الفرائد من شذور الفوائد».

تفاصيل المنتج
  • الوزن
    ٠٫٥ كجم
  • ٤٠
إضافة للسلة

منتجات قد تعجبك