بفضلِ اللهِ وتوفيقهِ نقدِّمُ لأهلِ العلمِ هذا العملَ العلميَّ الرَّصينَ الَّذي نسألُ اللهَ أن يكونَ قد كُتبَ له القَبولُ لما اشتملَ عليه مِن محاسنِ التَّحقيقِ العاليةِ لهذا السِّفرِ النَّفيسِ الَّذي لا يَستغني عنه متعلِّمٌ أو عالمٌ،ذلك أنَّه قد شُيِّدَ على أُسسٍ مُحكَمةٍ من النُّسخِ الخطيةِ النَّفيسةِ القريبةِ العَهدِ من المؤلِّفِ الإمامِ ابنِ دقيقِ العيد بلغتْ خمسَ نُسخٍ خطيةٍ قُوبلَ عليها الكتابُ مقابلةً تامةً حرفيةً، وبعضُ هذه النُّسخ منقولةٌ من خطِّهِ ومقروءةٌ عليه،إلى جانبِ توثيقِ مسائلهِ ونقولهِ التي صرَّحَ بها أو أَغفلها، وضبطِ نصِّهِ ضبطاً مُحكَماً فلم يُترك فيه حرفٌ قد يُشكِلُ على قارئهِ ضبطُه إلا وضُبِطَ، مع حُسنِ التَّقسيمِ والتَّرتيبِ بينَ جملهِ وفقراتهِ،وقد صَنعَ له محققُه مقدمةً علميةً اشتملت على فوائدَ كثيرةٍ، وفهارسَ علميةً مهمةً جدًّا للباحثين كفهرسِ المسائلِ والقواعدِ الأصوليةِ والفقهيةِ، وفهرسِ الألفاظِ الغريبةِ، وفهرسِ مصادرِ المؤلَّفِ التي صرحَ بها والتي أَغفلها، وفهرسِ المسائلِ والاستدلالاتِ والاستنباطاتِ والفوائدِ،إلى جانبِ فهارسَ أخرى متنوعةٍ بلغت أكثرَ من عشرِ فهارس، وغيرِ ذلك مِن مزايا هذه الطَّبعة التي اجتمعت فيها وافتقدتْها جميعُ الطبعاتِ الأُخرى للكتابِ، فالحمدُ لله حمداً كثيراً. وقد آثرنا أنْ نجعلَ هذه الطبعةَ في مجلَّدةٍ واحدةٍ كونها كتابَ تدريسٍ ولا يُستغنى عنه في حَضَر ولا سَفَر.
وشرحِ ما قد يَغمُضُ مِن عباراتهِ مِن كلامِ الأئمَّةِ الَّذين أفادوا مِن هذا الشَّرح النَّفيسِ، وربطِ كلامِ الإمامِ ابنِ دقيقِ العيدِ بكتبهِ الأُخرى خصوصاً كتابَه الآخَرَ: ((شرح الإلمام)).
هذا، وللمحققِ عنايةٌ تامةٌ بكتبِ الإمامِ ابنِ دقيقِ العيدِ رحمه الله تعالى تعودُ إلى أكثرَ مِن عشرينَ عاماً، أخرجَ خلالَها: ((شرح الإلمام)) و((الإلمام بأحاديث الأحكام مع حاشية ابن عبد الهادي الحنبلي عليه))، و((شرح العمدة مع حاشية الإمام الصنعاني عليه))، فالحمدُ لله وحدَه.