حين ننظر إلى تعظيم العقل والافتتان به وتقديمه في السياق العقدي فإننا نجد المعتزلة من أوائل الفرق التي حملت لواءه، وقد يتبادر إلى الذهن بأن العقلانية الحديثة هي امتداد لهذه الفرقة خاصة في مواقفها من أبواب العقيدة، فضلاً عن انتسابها إليهم حتى تسموا بمعتزلة العصر الحديث كمحاولة منهم لاكتساب جذور تاريخية.
ولأجل ذلك كان السؤال المركزي لهذا الكتاب ما حقيقة العلاقة بين العقلانية الحديثة والمعتزلة وما مدى صحة تلك النسبة ؟ وقد تطلبت الإجابة على هذا السؤال دراسة أشراط الساعة الكبرى كأحد أبرز المسائل الغيبية التي لا سبيل للعقل إلى معرفتها، وتتبع مناهج العقلانيين الاستدلالية ومواقفهم في كل شرط من الأشراط متبوعا بمقارنة بينهما وبين عقيدة السلف الصالح رحمهم الله ومنهجهم الاستدلالي.