لم يكن الأستاذ العقاد مجرد مفكِّر نابه أو شاعر مطبوع أو كاتب موسوعي ضربَ في كل فنٍّ من فنون الكتابة بسهم وافر ، وترك في كل باب من أبوابها آثارًا مشهودة ، وإنما كان فوق ذلك إمامَ مدرسة وزعيمَ اتجاه. لا مردُّ هذه الإمامة أو الزعامة إلى ما عُرف به الأستاذ من كثافة المحصول وثراء التكوين الذي أقرَّ له خصومُه وشانئوه قبل أشياعه ومريديه ، ولكن مردَّها في تقديرنا إلى خلائقه النفسية ، وما طُبع من استقلال النظر في الرأي والنفور من الأوصال.
وإنك واجدٌ أمارات هذه الإمارات على أوفى صورها وأجلاها فيما بين الأستاذة والصحف. وبين هذه المقالات صفتان جامعتان ؛ إحداهما: بلغت من الكثرة والتنوع حدَّ الإعجاز ؛ المحاسبة والدراسة والفلسفة وشئون الاجتماع .. إلخ. والأخرى: أن الأستاذ اشترع في كتابتها أسلوبًا متفرِّدًا. لقد أجبرته على الحصول عليه.