إن لعلم النحو من بين علوم العربية القِدْحَ المعلِّم من العناية والتصنيف إلا توخي معاني النحو وأحكامه في الكلام كما ذكر الجرجاني رحمه الله، بل كان لفظ النحو عند السابقين أعم، وأجلُّ ما صنف في الكتاب للإمام سيبويه الله رحمه، ثم تتابعت التآليف فيه إلى أن بلغ التحرير ذروته عند العلامة أبي عبد الله محمد ابن مالك رَحمَهُ الله فألف الكتب السائرة، ومن أشهرها الألفية (الخلاصة).
وقد عني بها العلماء عناية شديدة شرحًا وتعليقا وتحشية نظما ونثرًا، ومن هذه العناية هذا الكتاب المسمى بالجامع بين التسهيل والخلاص المانع من الحشود والخصاصة لعلامة بلاد شنقيط المختار ابن بونا الجكني المتوفى سنة ۱۲۲۰هـ رَحِمَهُ اللهُ، نظم فيه ما ليس في الخلاصة مما وقع في التسهيل تخلل نظمه الخلاصة فصارا كنظم موضوع وضعًا واحدًا، واشتهر نظمه بالاحمرار باللون لكتابته باللون الأحمر، ثم عمل على نظامين طُرته المعروفة في محاضر العلم بطرة ابن بونا فعظُم شأنها عند العلماء لما رأوا من إحكام ألفاظها وجمعها لمسائل النحو بأسلوب موجز حتى جرت ألفاظها بينهم مجرى الأمثال واعتنوا بها وبأصلها تدريسا وتعليقا واستدراكًا ونظمًا لكثير من الضوابط والفوائد، وحرّروا ذلك فيما عرف بالحواشي، وربما وقع اختلاف في هذه الحواشي من نسخة إلى أخرى لاختلاف المحاضر والشيوخ رحمهم الله، وهذه الطرة التي نحن بصدد نشرها حرّرها بخط يده وصححها الشيخ العلامة محمد بن الحسن بن سيدي عبد القادر الأمسمي رحمه الله وقت دراسته على شيخه العلامة أحمد بن محمد المتوفى سنة (١٤١٨هـ) رَحْمَهُ اللهُ، وكانت مكتوبة بالخط المغربي وبأسلوب يعسر على كثير من أهل المشرق قراءته فأشار رحمه الله إلى إخراجها بالخط المشرقي وعلى الطريقة المعهودة في مزج الشرح بالمتن وفي ترتيب الحواشي؛ ليعم نفعها، فكان هذا الإعداد الذي نرجو أن يكون أقرب إلى ما أراده الشيخ وأمّله، ولم نُغفل من الحواشي إلا ما رأى الشيخ إغفاله مما ليس له تعلق وثيق بمسائل الطرة.