وهو من المصـادر التي أسهمت بنصيـب كبير في حفــظ التراث الأندلسي. ومخطوطة هذا المؤلف التي بين أيدينا ،والتي حققها العالم الجلـيل د/شوقى ضيف كانت بخط على بن موسى بن سعيد وهو آخر المؤلفين الستة الذين توارثوا الكتـاب مدة مـئة وخمس عشرة سنــة.فقد واصلوا الليل فيه كلال الليل بكـلال النهار. ينقِّحون ويهذبون حتى لا يعرضوا إلا الصافي الخالص من جواهر الشعر، وما يخطف سناه الأبصار من الموشـحات والأزجال.
وكان السبب في تأليفه أن أبا عبد الله محمد بن إبراهيم الحجارى وفد إلى عبد الملك بن سعيد صاحب قلعة بنــى سعيد بالقرب من غرناطة. سنة 530هـ ،وهو حينئذٍ تحت طاعة المرابطيــن، فأنشده قصيدة بديعة في مديحه، استهلهـا بقوله:{الوافر}.
عليك أحالنى الذكر الجميــــل فجئت ومن ثنائك لى دلــــيل
فقربه وأكرمه. وأعجبته معرفته بأدباء الأندلس، ومالهم من طرائف الشعر والنثر، فسأله أن يصنِّف له كتابًا ،فألـف "المسهب في غرائب المغرب".
وقد شغف عبد الـملك بهذا الكتاب، وصير مطالعــته ديدنه،ثم جال فلى خاطره أن يضيف له ما أغفله الحجــارى ويختصر مالم يوافق غرضه، وخلفه ابــناه أبو جعفر الشاعـر ومحمد، وقد أضافا له ما استفاداه.وبعد ذلك جاء موسى بن محمد بن عبد الملك، وكان ذا بصيرة بهذا الــشأن _أى بفنـون الأدب_ فاعتنى بهذا المؤلــف كثيرًا، وأضاف إليه ما طالعه في الكتب، والتقطه من الأفـواه" وبعدما توفي موسى بن محمد أسلمه إلى ولده على الذي أخـرجه في صورته النهائية المسماة ب" المغرب في حلـى المغرب".
ويضم كتـاب "المغرب في حلى المغرب"_أى الكتـاب الذي ألفه الستة مؤلفين_ خمسة عشر سفرًا،ستة منها لمصر، وثلاثـة لبلاد المغرب.وستة للأندلـس، وقدوضـــعوا للجزء الخاص بالأندلــس اسمًا يجمع أطرافها وهوكتاب"وشْــى الطُّرُس في حُلَى جَزيرة الأندلس".
والكتـاب الذي بين أيدينا مقصورٌ وحسب على القســم الخـاص بالأندلس، وقد قسمـه على بن سعيد إلى ثلاثة كتب الأول: كتـاب غرب الأندلس وقد سُمى باسم"كتاب العـُرس فيحلى غرب الأندلس" والثانى "كتاب موسطــة الأندلس، وسمى باسم "كتاب الشفاه اللُّعس في حلى موسطة الأندلس"،أما الجزء الثالث والأخير فهو كتاب شرق الأندلس وقد سمى باسم " كتاب الأنس في حلى شرق الأندلس".
