أَصْلُ هَذَا الْـكِتَابِ هُوَ كِتَابٌ لِلْمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ رِسَالَةٌ أَصْغَرُ مِنْ هَذِهِ اسْمُهَا: «مَا لَا يَسَعُ الْـمُحَدِّثَ جَهْلُهُ».
وَأَلَّفَ مُؤَلَّفَاتٍ كَثِيرَةً تَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ مُؤَلَّفًا فِي فُنُونٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ ضِمْنِهَا هَذِهِ الرِّسَالَةُ الَّتِي عُنْوَانُهَا: «مَا لَا يَسَعُ الْـمُحَدِّثَ جَهْلُهُ».
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ فِي يَدِ أَحَدِ تَلَامِيذِهِ يُقَالُ لَهُ: محمد الـخضر الجكني الشنقيطي مِنْ أَهْلِ شِنْقِيطَ فَقَالَ لَهُ أُرِيدُ أَنْ تُفَصِّلَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ وَتَكْتُبَ لَنَا أَهَمَّ كُتُبِ الْـحَدِيثِ وَتُتَرْجِمَ لِمُؤَلِّفِيهَا بِاخْتِصَارٍ فِي رِسَالَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى أَقُومَ بِنَقْلِهَا وَنَشْرِهَا وَالْإِفَادَةِ مِنْهَا. فَاتَّجَهَ وَأَلَّفَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ: «الرِّسَالَةُ الْـمُسْتَطْرَفَةُ».
وَانْتَهَى مِنْ تَأْلِيفِهَا سَنَةَ 1328 وَطُبِعَتْ سَنَةَ 1332
جَمَعَ فِيهَا قُرَابَةَ 1400 كِتَابٍ مِنْ مَشَاهِيرِ كُتُبِ السُّنَّةِ الْـمُشَرَّفَةِ، وَقَسَّمَ هَذَا الْـكِتَابَ أَقْسَامًا فَكُلُّ نَوْعٍ مِنَ الْـمُصَنَّفَاتِ يَذْكُرُ كُتُبَهُ وَالْـمُؤَلَّفَاتِ فِيهِ مُتَوَالِيَةً فَيَقُولُ مَثَلًا: الصِّحَاحُ وَيَذْكُرُهَا، وَالْـمَسَانِيدُ وَيَذْكُرُهَا، وَالسُّنَنُ وَيَذْكُرُهَا.
وَلَيْسَ هَذَا فَقَطْ بَلْ وَيُعَرِّفُ بِأَهَمِّ الْـكُتُبِ بِاخْتِصَارٍ، وَرُبَّمَا تَرْجَمَ بِاخْتِصَارٍ لِمُؤَلِّفِيهَا، فَلَيْسَ الْأَمْرُ مُقْتَصِرًا عَلَى مَعْرِفَةِ الْـكِتَابِ بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَضْمُونِهِ وَأَحْيَانًا عَنْ مَنْهَجِهِ بِاخْتِصَارٍ وَلَيْسَ هَذَا فَحَسْبُ بَلْ يُعَرِّفُ بِمُؤَلِّفِهِ فَيَسُوقُ نَسَبَهُ وَنِسْبَتَهُ وَتَارِيخَ وَفَاتِهِ وَرُبَّمَا ذَكَرَ بَعْضَ مَنَاقِبِهِ وَفَضَائِلِهِ.
وَقَدْ ضَمَّ إِلَى الْـكُتُبِ الَّتِي عُنِيَتْ بِجَمْعِ الْـحَدِيثِ الْـكُتُبَ الَّتِي لَهَا عَلَاقَةٌ بِالْـحَدِيثِ كَكُتُبِ الرِّجَالِ وَعُلُومِ الْـحَدِيثِ وَالْـجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ.
الْـمُؤَلِّفَ عِنْدَهُ نَزْعَةٌ صُوفِيَّةٌ، فَعِنْدَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي تَرْجَمَةِ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ قَالَ: كَانَ أَحَدُ الْأَوْتَادِ وَالْأَقْطَابِ. وَهَذِهِ مِنْ مُصْطَلَحَاتِ الصُّوفِيَّةِ.
كما أن َوَاحِدٌ مِنْ كُتُبِهِ كَانَ فِي حَالِ خَاصَّةِ الْـخَاصَّةِ وَمَعْرُوفٌ أَنَّ هَذَا مِنَ الْـمَزَالِقِ الْـكَبِيرَةِ لِلصُّوفِيَّةِ.
الشَّاهِدُ أَنَّ الْـمَرْءَ عِنْدَمَا يَقْرَأُ فِي الْـكِتَابِ قَدْ يَجِدُ مِثْلَ هَذِهِ الْـهَفَوَاتِ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً.