تهدف وسائل التواصل الإجتماعي إلى: "قضاء المستخدم أكبر قدر ممكن من الوقت على الإنترنت وترك أكبر قدر ممكن من البيانات هناك". هذا يعني أن الوسائط الرقمية لا تعنيها جودة ونوعية الاتصالات أو الروابط الداعمة عاطفيا أو المعلومات عالية الجودة أو حتى رشاد المواطنين. الأمر كله يتعلق بالإغراء للبقاء على "التطبيق الرقمي". يتبع نفس الهدف أيضا مطورو الألعاب ومنصات البث وما شابه، لذلك يُجرى تسخير كل وسائل الإغواء النفسي وتطويرها باستمرار حتى أصبحت الوسائط ذات طابع إدماني. نستشعر جميعا أنهم نجحوا في تحقيق هذا الهدف، حيث تظهر علينا جميعا تقريبا بوادر للإجهاد الرقمي والإدمان الرقمي؛ فنحن نشعر بالتوتر عندما لا نعثر على هاتفنا الذكي على الفور أو عندما تنفد بطاريته، ونلاحظ أننا لا نتحكم بشكل كامل في سلوك استخدامنا له، وأحيانا ننكر أن للشاشة تأثير كالتنويم المغنطيسي علينا.
هناك قول للطبيب الإغريقي الشهير باراسيلسوس مفاده أن "الجرعة هي التي تصنع السم". يجب أن نطبق نفس هذا المبدأ في تعاملنا مع وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا الكتاب يمثل صرخة تحذير ضد التجاهل أو التغافل الذي قد ينتابنا في تعاملنا وأطفالنا مع الإنترنت، الهاتف الذكي ومع وسائل التواصل الإجتماعي الجديدة والمستحدثة، ينبهنا قبل أن يمضي الوقت إلى خطورة التطبيقات ليس فقط من الناحية الأخلاقية والدينية، بل حتى من الناحية النفسية والعصبية. كتاب جدير جدا بالقراءة بل والتوصية بالقراءة لكل من نعرف حتى نتبين مواضع اقدامنا قبل أن يصبح الأمر من الماضي.
كتاب كتبته متخصصة نمساوية تخاطب به الآباء الغربيين في مجتمعات هي الأكثر تقدما وإنفتاحا على مستوى العالم أن إنتبهوا إلى ما يحيق بنا وبأولادنا، فنحن نعيش في عالم سائل إختلطت به وفيه كل الأمور الطيبة والشريرة، ذات الأهداف الربحية والتوجهات الأيديولوجية، عالم شديد السيولة ، علينا أن نكون فيه شديدي الحذر. مؤلفة تكتب من واقع الرؤية الغربية للأمور والأخلاق ورغم هذا هي ترفع راية الخطر عالية، فما بالنا نحن بقيمنا الشرقية صانعين إزاء هذه الأخطار؟
كتبت المؤلفة كتابها بدقة ألمانية رصينة ورجعت فيه إلى إحصائيات معتمدة وموثوقة من جهات حكومية وبحثية دقيقة، فهي لم تكتب جملا إنشائية وانما استندت في كتابها كله بشكل تام إلى وثائق علمية منضبطة.