أما بعد فإن الرسالة العلمية القيّمة التي أعدها الشيخ عبد الله إبراهيم الموسى والموسومة بـ «الشروط العقدية في الشريعة الإسلامية والتي نال بها شهادة العالمية الدكتوراه من جامعة الزيتونة، تعد من الرسائل القليلة التي تنجز في رحاب هذه الجامعة العريقة، وتتساوق مع اختصاصاتها الشرعية الأصيلة، فهي رسالة في فقه المعاملات الذي يقوم أغلبه على العقود سواء منها المكتوبة أو الشفوية أو تلك التي تعرف بعقود المعاطاة» التي تنعقد دون كتابة ولا مشافهة ولا تنصيص ولا تسمية، لكثرة ما يتداولها الناس حتى أضحت جزءاً من حياتهم المعيشية اليومية كركوب الحافلات والقطارات وشراء الضروريات من مأكل ومشارب وملابس وإجراء الفحوص الطبية وشراء الأدوية ونحوها...
وصلة العقود بالشروط صلة عضوية، فالشروط تعد العمود الفقري لكل عقد يبرمه متعاقدان، فلا يخلو عقد من شروط سواء كانت شرعية وضعها الشارع لحفظ حقوق المتعاقدين وضمان حليتها فلا يجوز تجاوزها أو إغفالها، وهي تمثل القواعد والأسس التي تقوم عليها العقود، أو جعلية» وهي الشروط التي يضعها المتعاقدان وتعكس إرادتهما الحرة، فيضيفانها إلى الشروط الشرعية والشريعة تجيز هذا اللون من الشروط إذا حققت مصلحة حقيقية غير وهمية، ولم تحل حراماً أو تحرم حلالاً، ولم تتعارض مع أصل من أصول الشرع؛ لأن العقود على اختلافها ينبغي أن تحقق مصلحة مرجوة، وفي الوقت نفسه يجب أن تستجيب للقواعد الشرعية وتحتكم إلى الكتاب والسنة، فتحل ما يُحلانه وتحرم ما يحرِّمانه ، أو تستمد حكمها من روحهما وتوجيههما.
