كتاب الموطأ رواية يحي بن عبدالله بن بكير 2/1
135 SAR
- فَهَذَا «كِتَابُ المُوَطَّأ» لِلإِمَامِ العَلَمِ النَّجمِ، شَيخِ الإِسلَامِ، حُجَّةِ الأُمَّةِ، إِمَامِ دَارِ الهِجرَةِ، أَبِي عَبدِ اللهِ مَالِكِ بنِ أَنَسِ بنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصبَحِيِّ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنهُ رِوَايَة الإِمَامِ، المُحَدِّثِ، الحَافِظِ، أَبِي زَكَرِيَّا يَحيَى بنِ عَبدِ اللهِ بنِ بُكَيرٍ القُرَشِيِّ، المَخزُومِيِّ مَولَاهُم، المِصرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
- رُوِيَ عَنهُ مِن طَرِيقِ بَقِيِّ بنِ مَخلَدٍ وَغَيرِهِ، أَنَّهُ سَمِعَ «كِتَابَ المُوَطَّأ» مِنَ الإِمَامِ مَالِكٍ سَبعَ عَشرَةَ مَرَّةً، وَأَنَّ بَعضَهَا بِقِرَاءَةِ الإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ.
- هُوَ أَوَّلُ كِتَابِ حَدِيثٍ وَصَلَ إِلَينَا كَامِلًا وَمُرَتَّبًا عَلَى أَبوَابِ العِلمِ، وَقَد وَضَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ القَبُولَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَهُوَ مِن أَجَلِّ الكُتُبِ الَّتِي صُنِّفَت فِي عَصرِ الإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، وَأَعَمِّهَا نَفعًا.
- فهُوَ الأَوَّلُ تَصنِيفاً عَلَى الأَبوَابِ الفِقهِيَّةِ، وَلَا يُوجَدُ الآنَ كِتَابٌ فِي الفِقهِ أَقوَى مِنهُ، لِأَنَّ الكُتُبَ تَتَفَاضَلُ فِيمَا بَينَهَا، إِمَّا مِن جِهَةِ فَضلِ المُصَنِّفِ، أَو مِن جِهَةِ التِزَامِ الصِّحَةِ، أَو مِن جِهَةِ شُهرَةِ الأَحَادِيثِ، أَو مِن جِهَةِ القَبُولِ لَهَا مِن عَامَّةِ المُسلِمِينَ، أَو مِن جِهَةِ حُسنِ التَّرتِيبِ وَاستِيعَابِ المَقَاصِدِ المُهِمَّةِ أَو نَحوِهَا، وَهذِهِ الأُمُورُ كُلُّهَا مَوجُودَةٌ فِي «كِتَابِ المُوَطَّأ» عَلَى وَجهِ الكَمَالِ بِالنِّسبَةِ إِلَى جَمِيعِ الكُتُبِ المَوجُودَةِ عَلَى وَجهِ الأَرضِ الآنَ، فَلِهَذَا عَكَفَ النَّاسُ عَلَيهِ، وَسَارُوا بِسَيرِهِ.
- وَهُوَ أَيضًا يَشتَمِلُ عَلَى جُملَةٍ مِنَ الأَحَادِيثِ المَرفُوعَةِ، وَالآثَارِ المَوقُوفَةِ مِن كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، ثُمَّ هُوَ أَيضًا يَتَضَمَّنُ جُملَةً مِن اجتِهَادَاتِ الإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، وَاستِنبَاطَاتِهِ وَفَتَاوَاهُ.
- قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ-: كَانَ غَزِيرَ العِلمِ، عَارِفًا بِالحَدِيثِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، بَصِيرًا بِالفَتوَى، صَادِقًا، دَيِّنًا، وَمَا أَدرِي مَا لَاحَ لِلنَّسَائِيِّ مِنهُ حَتَّى ضَعَّفَهُ، وَهَذَا جَرحٌ مَردُودٌ، فَقَدِ احتَجَّ بِهِ الشَّيخَانُ، وَمَا عَلِمتُ لَهُ حَدِيثًا مُنكَرًا حَتَّى أُورِدَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَم يَقبَلِ النَّاسُ مِنَ النَّسَائِيِّ إِطلَاقَ هَذِهِ العبَارَةِ فِي هَذَا، كَمَا لَم يَقبَلُوا مِنهُ ذَلِكَ فِي أَحمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصرِيِّ.