إن مقدمة الحافظ ابن الصلاح من المتون المتتابعة والبحور الزاخرة، ترسخت بها مناهج التدريس وتميزت بالشمول والترتيب والتعديد لأنواع علوم الحديث، وزادت على ما سبقها مِنَ العلامات، فتلقت درسًا ومتعلمين.
أما الجواهر فترصيع على مقدمة ابن الصلاح واستكمال إيضاح لما بدأه ابن الصلاح، صاغها عز الدين بن جماعة أحد حذاق القرن التاسع الهجري ومحقيه؛ وصَفَه تلميذه الحافظ ابنُ حَجَر العسقلاني بأنه أُعجُوبَةُ دَهْرَهُ فِي حُسْنِ التقرير، لما امتثلت لجودة التفسير ودقة التعبير أثناء التعليق على المقروء، مما جعله مرجعًا للطلاب أفصح العز عما في كتاب الأنواع بأرشفة الأساليب، ولم يكتفِ بعَرْضِ المفاهيم، بل كشف عن قَصْدِ الكتاب وأوضَحَ معانيه، واستخرج مكنوناته، وأحسن الجواب على الاعتراضات والمشكلات، والهج: السؤال والجواب لإيصال المعاني بأقرب الطرق، مما يجعل الكتاب سهل الفهم ميسور الهضم.
وتميز كتابنا بشخصية ابن جماعة علمية فريدة؛ فقد كان ظاهر الرأي في الترجيح بين الأقوال، ومن الميزات البارزة اهتمام السارح بالابحاث العقلية والمسائل الأصولية، ما مُدرك للاختلاف الحاصل بين النسخ (مقدمة ابن الصلاح)، فاستحضر هذه الفروقات للنظر إليها، مع التنبيه إلى فوائد ولطائفة، لألفاظ المتن دعوى، حتى قوبل شرحه بالاستحسان ووُصِفَ بأنَّه «نفيس». ما ترك ليكتب بعمق لائق بطريقة أهل العصر، وكان العز
ومنها: أن كتاب «الجواهر الصحاح» يعتبر الشرح التراثي الوحيد الذي وصل ليصبح مكتملًا شاملًا لكل الأنواع الحديثة التي بحثها ابن الصلاح، وكفى بها ميزة عن بقية الشراح.
وأصل التحقيق - الذي يُطبع لأول مرة - أطروحة علمية تقدم بها المحقق الكريم لنيل درجة الدكتوراه في (جامعة ابن زُهر) بالمملكة المغربية، بارك الله تعالى في جهده، وجزاه الله خيرًا
