مصنف فريد من نوعه ثري في مادته لا نظير له، وهذا الكتاب هو بمثابة واسطة العقد ما بين كل مصنفاته وقد سلك فيه نهجا مميزا حيث جمع الأدوات والحروف مصنفة علي حروف المعجم وجمع شاردها وفصل قواعدها، ثم عرّج علي الاحكام العامة للجمل واشباهها، وما يتبَع ذلك من تقسيمات وتفريعات وتبين للقواعد الكلية للنحو والاخطاء التي يقع فيها المعربون، وهو إلي جانب هذا كلــه غزير في شواهده القرآنية والشعــرية، كما ضمّن في ثناياه اراء الكثيرين من النحاة والاعلام السابقين علي ابن هشام في كل مسألة. ومن الجدير بالذكر ان (المغني) مصنف دسم ممعن في الدقائق والتفاصيل لا يلائم المبتدئين في النحو أو المتوسطين إنما هو ملائمٌ لمن هم اعلي من المتوسطين بدرجة.
ومن هنا عكف على عليه العلماء شرحا واختصارا وتحشية واعتراضا؛ إذ كان لم يتعلق به أحد إلا أكثر علمه، ولا أنشأ عليه منشئٌ إلا ثبت فضله، بل إنّ منهم من لم يكتف بكتاب واحد، فو ضع الإمام البدر الدماميني ثلاث حواش على المغني، وما ذاك إلا ليقين لا يخلجه شكّ، ومعرفة لا تنازعها شبهة، برجاجة عقل مؤلِّفه، وسداد نظره.
ومنهم أيضًا الإمام السيوطي رحمه الله تعالى؛ فإنه قد وضع على المغني ثلاثة كتب؛ كتابًا لرجالِه، وآخر لشواهده، وثالثًا حشَى به عليه.
وحاشية الفتح القريب من أوسع ما كُتب على المغني، بل لعلي لا أبالغ إن قلت: إنها أوسع ما وضع على المغني؛ فإنك سترى غرائب النقولات، وكثرة المصادر، وعجائب الفوائد، لو لا أن هذا القدر الذي وقفت عليه من الحاشية لا يبلغ ربع المغني، ولست أشك في أن سائر الحاشية دفين المكتبات.