هذا كتاب فرد في علم البلاغة ومناقشة رجاله؛ فبعد أن قضى مصنفه الشيخ محمد بن علي الجرجاني من بعض الفنون وطره، وتم له من حسن تصانيفه مأربه، وجه شطره نحو علم البلاغة؛ فنشر قواعده وقضاياه في إشاراته، ونقد أقاويل علمائه وأعيانه في تنبيهاته؛ مستعينا على ذلك بما حواه من فنون عدة قد استثمرها في مناقشة أئمة هذا الفن.
ولما كان هذا الكتاب قد طبع قديمًا بصورة أخرجته عما وضعه مصنفه؛ من كثرة أسقاطه وتصحيفاته وتحريفاته المتعمدة أحيانا - كما سيتبين في دراسة الكتاب - وكان الدكتور مصطفى محمود أبو السعود عارفا بمصادر الجرجاني وموارده، واقفا على جملة أقواله النحوية؛ نظر في طبعة الإشارات» فإذا هي محالة عن طبيعتها، مزالة عن جهتها، فبدا له أن يعيد الكتاب، على الذي خبره من مؤلفه فألف أسلوبه، وراز أسراره وبيانه، وفقه مفرده و مركبه.
ومما اختصت به هذه الطبعة ما أضافه الأستاذ المحقق وفقه الله من اعتراضات الجرجاني على كتاب الإيضاح للقزويني التي دونها على نسخته الخاصة منه؛ ليكون في ذلك جماع مناقشة الجرجاني للقزويني في مكان واحد.
وقد بين المحقق مسوغات التحقيق، وعقد مقارنة للأسقاط المتعمدة وغير المتعمدة، وأبان عن التصرف الواقع في طبعته القديمة مما أحال الكتاب عن وجهته؛ فجزاه الله خيرا ونفع به.
