هذا كتاب جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، الذين نزل القرآن بألسنتهم، واشتقت العربية من ألفاظهم، واتخذت الشواهد في معاني الحديث من أشعارهم، وأسندت الحكمة والآداب إليهم، تأليف أبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، وذلك أنه لما لم يوجد أحد من الشعراء بعدهم إلا مضطراً الى الاختلاس من محاسن ألفاظهم، وهم إذ ذاك مكتفون عن سواهم بمعرفتهم.
وبعد فهم فحول الشعراء الذين خاضوا بحره، وبعد فيه شأوهم، واتخذوا له ديواناً كثرت فيه الفرائد عنهم، ولولا أن الكلام مشترك لكانوا قد حازوه دون غيرهم، أخذ المؤلف من أشعارهم وذكر في كتابه هذا ما جاءت به الأخبار المنقولة والأشعار المحفوظة عنهم، وما وافق القرآن من ألفاظهم، وما روي عن رسول الله (ﷺ) في الشعر والشعراء، وما جاء عن أصحابه والتابعين من بعدهم، وما وصف به كل واحد منهم، وأوّل من قال الشعر، وما حُفظ عن الجن.
منهلٌ من مناهلِ الأدبِ العربيّ، وسجِلٌّ ضخم حافلٌ من تراثِ العربِ وحياتِهم وأيامِهم وخلائِقهم، ويقدِّمُ جمهرةً منْ أشعارِ العربِ في الجاهليةِ والإسلامِ الذين نزلَ القرآنُ بألسنتِهم، واشتُقَّتِ العربيةُ مِنْ ألفاظِهم، واتُّخِذَتِ الشواهدُ في معاني الحديثِ والقرآنِ من أشعارِهم، وأُسْنِدَتِ الآدابُ والحكمةُ إليهِم، وقد حوَى هذا السِّجِلُّ بين جنباتهِ كافةَ الأغراضِ والتجاربِ التي يُمْكِنُ أن تصوِّرَ نفسيةَ العربيِّ وبيئتَه ومجتمعَه وأعرافَه، فنجدُ المديحَ الحلْوَ الذي تهتزُّ لهُ أعطافُ الممدوحِ، ونجدُ الفخرَ والعزةَ، ونجدُ مِنَ الشعراءِ الفرِحَ الهانئَ، والحزينَ الثاكلَ المؤرَّق الجفنُ الدامعَ العينَ، والعاشقَ المتيَّمَ الذي راحَ يعكِسُ صَدَى قلبِهِ الجريحِ... فالشعرُ ديوانُ العربِ، بهِ حُفِظَت الأنسابُ، وعُرِفَتِ المآثرُ، وما هذا الكتابُ إلا جانبٌ عريضٌ منْ هذا الديوانِ بما حَوَى مِنْ نصوصٍ تُعدُّ من عيون الشِّعْرِ العربيِّ في الجاهليةِ والإسلامِ.