يعد موضوع العلاقة بين الشريعة الإسلامية والعلوم الاجتماعية -خاصة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا- من المجالات البينية المثيرة للجدل والتي بحاجة لتأصيلات تتطلب إلمامًا بمقدمات عديدة، ويهدف هذا الكتاب إلى دراسة وتحليل المقاربات السوسيولوجية للشريعة، وتحرير أصول مقولات التكامل بين الشريعة وهذه العلوم الاجتماعية.
يقدم القسم الأول من الكتاب تحليلًا للمقاربات السوسيولوجية والأنثروبولوجية للشريعة، إلى جانب تحرير الأصول الإبستمولوجية لمقولات التكامل بين العلوم ومنتهى آفاقها، مع الكشف عن أوجه القصور في هذه المقاربات، مشيرًا إلى أن الشريعة منظومة معرفية لها أدواتها الخاصة، وأن القول بإمكانية فهمها بالكامل من خلال الأدوات والمفاهيم التي يستخدمها علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا قد ينتج عنه اختزال الشريعة إلى مجرد ظواهر اجتماعية أو ثقافية.
وأما القسم الثاني، فهو مخصص للنقد الإبستمولوجي (المختلف عن النقد الطبيعاني والمادي) لعلم الاجتماع الغربي، مسلطًا الضوء على أصوله الاستعمارية والمركزية الأوروبية التي تشكل جزءًا من جذوره الفكرية والمنهجية.
يبرز الكتاب التناقضات الأساسية بين الشريعة الإسلامية، التي تعتمد على الوحي والتشريع الإلهي، وعلم الاجتماع الغربي الذي يعتمد على منهجيات علمانية وفكرية تنبع من خلفيات ثقافية وسياسية محددة، ومن خلال هذا النقد يدعو الكتاب إلى إعادة التفكير في كيفية دراسة المجتمعات الإسلامية والشريعة بعيدًا عن التأثيرات الاستعمارية والفكرية الغربية.