إن مختصر سيدي خليل كتاب طبقت شهرته الآفاق، وشغل الناس به شرقاً وغرباً : شرحاً وتعليقاً ودراسة وحفظاً ونظماً وعملاً به وتطبيقاً له في حياة الناس، ولهذا الإقبال أسباب :
منها أنه جاء وفق مدرسة إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس له ،الذي ورد في حقه حديث : عالم المدينة .... الحديث. حسبما فهمه معاصروه وعرفوا فضله من أئمة الفقه والحديث الذين وجدوا الصفات الواردة في الحديث منطبقة على الإمام مالك تمام الانطباق دون أحد سواه.
ومنها إخلاصه العمل الله تعالى بدليل الإقبال عليه والعناية به .
ومنها استيعابه لمسائل الفقه الموجودة في كتب الفقه المطولة بحكم اختصاره الشديد واقتصاره على إيراد الأحكام مجرد من الأدلة.
أما الاختصار فلحاجة طلاب العلم آنذاك إلى الإحاطة ما أمكن إحاطته بالمسائل اعتماداً على تضلعهم بالعربية وشغفهم الشديد بالتحصيل العلمي وتفرغهم التام لطلبه، وأما تجريده من الأدلة فلاعتماده على ثقة الناس بصحة ما يصدر من العلماء لاعتقادهم أن خشية الله تعالى التي عرفوا بها تعصمهم من أن يقولوا ما لم يعتمدوا فيه على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وسنة الخلفاء الراشدين أو ما يوافق روح النصوص.
وإذا كان الاختصار الشديد وتجريد الأحكام من الأدلة يلائم طلاب العلم في عصر الشيخ خليل وما بعده فإننا نرى في عصرنا الحاضر إعراض جل الناس عنه بسبب هذا الاختصار الذي يتطلب لفهمه همماً عالية، وبسب تجريده من الأدلة التي تعلق غرض الطلاب بها لمقتضيات نفسية وظرفية . فلذلك تصدى الأستاذ الفاضل الشيخ الطاهر عامر لسد هذا الفراغ والاستجابة لرغبة طلاب الفقه إلى التبسيط وشفع الأحكام بالأدلة، فجاء عمله هذا عملاً مباركاً وفتحاً جديداً لمناهج دراسة سيدي خليل يعيد لطلاب الفقه رغبتهم في دراسته بإزالة العوائق، وبذلك يكون الجمع بين الحسنيين : حسنى الإثراء بالإكثار من إيراد المسائل، وحسنى التبسيط والاستدلال على الأحكام. فأرجو الله تعالى أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يزيد الأستاذ المؤلف توفيقاً وسداداً وعوناً على مواصلة هذا النهج القويم إنه تعالى سميع مجيب.
د. محمد الطاهر آيت علجت