كتاب لأديب بليغ يشرحه أديب بليغ آخر ..
متن الكتاب في الأساس هو مقدمة لشرح المرزوقي على مقطوعات جمعها أبو تمام في الكتاب المعروف باسم (ديوان الحماسة) ويظهر أيضًا أن شرح المرزوقي لهذا الديوان طلبه منه أحد طلاب الأدب، ويُرجِّح الشارح أيضًا أن نفس الطالب طلب منه هذه المقدمة ..
وهذه المقدمة البديعة بدت في شكل سؤلات .. أو إذا أردنا الدقة في التسمية نقول ( استشكالات ) وردت من هذا الطالب إلى الإمام المرزوقي إمام الأدب في زمانه..
وهي استشكالات حول عدد من القضايا التي تدخل تحت مظلة النقد الأدبي ومنها أيضًا ما يَخرج خارج النقد؛ ولكنه متعلق به أيضًا بشكلٍ ما ..
- قواعد الشعر أو ما تم تسميته عمود الشعر
- قضية الطبع والصنع
- قضية اللفظ والمعنى
- قضية أفضل الشعر
- قضية التفضيل بين النثر والشعر
- قضية مخالفة أبي تمام في جمعه في هذا الكتاب من الأشعار ما يخالف أشعاره هو في أسلوبها ومعانيها
الكتاب صغير الحجم جدًا ولكن ثمين جدًا ومُركزًا في قضايا مهمة .. حتى لو لم نهتم بالقضايا النقدية والأدبية واهتممنا فقط بتتبع أسلوب المؤلف وأسلوب الشارح أيضًا وتراكيبهم الأسلوبية والمفردات التي استخدموها لخرجنا والله من الكتاب بالخير الكثير.
من الملاحظات التي يجب أن تتنبه لها عند قراءتك لكلام المرزوقي أنه يُطيل الاعتراض في ثنايا كلامه، ويفصل طويلًا بين العامل والمعمول، فيجب أن تظل منتبها للمبتدأ والخبر حتى يستقيم لديك معنى الكلام وترتيبه وتفهمه فهمًا صحيحًا.
أيضًا من الأجزاء التي أعجبتني جدًا الجزء الخاص بتفضيل النثر على الشعر؛ حيث أن الإمام المرزوقي يرى أن للنثر الأفضليةَ على الشعر وقدّم على ذلك من الحجج ما يكفي للإقناع والتسليم، ويبدو أيضًا من كلام الشيخ ابن عاشور في شرحه أنه يؤيده على ذلك، ولكن كنتُ أحب لو يتم إضافة رأي من يرون المذهب المخالف وأدلتهم .. حتى ولو كانت بإضافة من خلال المُحقق في الحاشية .. ولكن هذا فقط تمنٍ يسير كنت أود أن أشاهده في الكتاب..
خلاصة الأمر: أن هذا الكتاب نفيس ولا ينبغي قراءته مرة هكذا وتركه بعده، بل ينبغي تكرار النظر فيه من وقت لآخر.