فإنَّ من أهم ما يُطلَبُ من طالبِ علم الفقه التدرج في تعلمه، وانطلاقه من مذهب معين يتفقه به والبداءة بصغارِ الكُتُبِ قبل كباره، وضبط المسائل وفهم تصورها قبل الاطلاع على الخلاف والحجج، ومن سلك هذا الأمر في بداية تعلم الفقه واجتهد في التحصيل؛ انتفع انتفاعا كبيرا.
فإنَّ من المتون المناسبة للمبتدئ في الفقه متن «أخصر المختصرات في الفقه للإمام البعلي، وقد ألفه مراعيًا فيه أن يكون أول خطوة للتفقه في المذهب.
و قد بين ابن بدران هذا بقوله ناصحًا طالب الفقه: «لا جرم أن النَّصِيحَة كالفرض وخصوصا على العلماء، فالواجب الديني على المعلم إذا أراد إقراء المبتدئين أن يُقرئهم أولا كتاب «أخصر المختصرات» أو «العُمْدة».
ويجب عليه أن يشرح له المتن بلا زيادة ولا نقصان بحيث يفهم ما اشتمل عليه، ويأمره أن يصوّر مسائله في ذهنه، ولا يشغله مما زاد على ذلك ... ).
ولأجل هذا فقد يسر الله لي كتابة شرح موجز على أخصر المختصرات أسميته (الشذرات على أخصر المختصرات)، وسلكت في هذا الشرح أن يكون موضحًا للعبارة، كاشفًا عن معناها بذكر قيودها إن كان لها قيود، وأعرضت فيه عن ذكر الأدلة والتعليل، إلا إن كان هذا مما لا تتصور المسألة إلا بذكره.
وقد أفدت من كتابي التعليق المقنع على زاد المستقنع، فإذا كانت عبارة الأخصر موجودة في «الزاد»، لخصت منه مع تعديل يُناسب المقام، وإن لم تكن عبارة «الأخصر موجودة كتب توضيحا لها بإيجاز.
وقصدت بهذا الكتاب أن يكون خطوةً قبل قراءة ودراسة «التعليق المقنع»