وهذا المؤلف ضم مجموعة من الدروس العقدية في شرح مصنف ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) المسمى بكتاب الإيمان، قام بإلقائها صوتيًا الشيخ ضمن دوراته العلمية لتدريس مصنفات أهل السنة والجماعة في العقيدة، ثم قام بتجميعها والتوليف بينها، وتنقيح فصول الشرح، وإصداره في هذا السفر النفيس.
وكتاب الإيمان هو كتاب جمعه ابن أبي شيبة - رحمه الله - على طريقة أهل الحديث في ذكر المرويات في أحاديث الإيمان وما يدخل في الإيمان من الأعمال، وحقيقة الإيمان، واقتصد فيه مؤلفه على المرويات الصحيحة في باب الإيمان، وهو أصل من أصول الدين جمع فيه كثير من علماء أهل السنة مؤلفات مستقلة، وفي كتاب ابن أبي شيبة ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة في مباحث الإيمان، فهو من الكتب المتقدمة في تفصيل أقسام الإيمان وحقيقته، وقد أوردَ في كتابه الإيمان آثارًا في أن الإيمان قول وعمل، وآثارًا في الاستثناء في الإيمان، وأنه لا يكون على سبيل الشك، وآثارًا في ذم السلف للحَجَّاج، منها: قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،: أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذُكِرَ الْحَجَّاجُ قَالَ: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]، وروى آثار زيادة ونقصان الإيمان.
ونجد أنه لم يكن هناك خلاف في مسائل أصول الدين كمسألة الإيمان وحقيقته بين السلف في أثناء المائة الثانية، حتى ظهرت الفرق والطوائف الضالة كالمرجئة والخوارج، وظهر الجدال واللجاج في مسألة الإيمان، مما استلزم من الأئمة كتابة مذهب الصحابة في عقيدة الإيمان، وفي هذا المصنف أراد ابن أبي شيبة إيراد أقوال الصحابة في مسائل الإيمان، لتثبيت الأدلة وتقرير النصوص في هذا الأصل في مواجهة الفرق الضالة.
وقد تميز شرح الشيخ "سعد بن شايم العنزي" بالاختصار والإيجاز، وذكر الفوائد والفرائد المتعلقة بمسألة الإيمان في ثنايا شرحه، والتعليق بما يلزم على أعلام الكتاب، وتخريج لشواهده، وبيان كلام ابن أبي سيبة وعلاقته بأقوال السلف في مسائل الإيمان، ومبحث الاختلاف فيه وكيف تشعب عند الفرق والطوائف المختلفة.